صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في الإجماع هل ينعقد من جهة الإجتهاد أم لا؟]

صفحة 260 - الجزء 1

  قال ¦ ثم ذكر في كتاب النهاية أن مخالفتهم لا تجوز؛ لأن أدلة الإجماع لم تفصل بين أمر وأمر.

  قال ¦: وقال أبو رشيد إنه إن استقر الإجماع لم يجز مخالفته، وإن لم يستقر جازت مخالفته.

  قال: وقد أشار إلى مثل ذلك القاضي، وكان شيخنا ¦ يذهب إلى قول أبي رشيد ويحتج له بأن أدلة الإجماع لم تفصل بين إجماعهم في أمر الدنيا وأمر الآخرة، ولا يجوز الفصل بغير دلالة.

  وعندنا أنه ينبغي أن نفصل الكلام في هذه المسألة تفصيلاً، فنقول: إجماعهم لا يخلو إما أن يكون في الوجه الذي تقع عليه الحرب أو في صورتها ووقتها ومكانها؛ فإن كان في الوجه الذي يقع عليه القتال من أنه لا يجوز قتالهم إلا بعد الدعاء أو لا يجوز قتالهم إلا مع إمام أو أمير، أو لا يجوز قتالهم إلا للدفع، وجُوِّزَ انعقاد الإجماع على أحد هذه الوجوه فإنه لا يجوز مخالفتهم.

  وإن أجمعوا على القتال في موضع مخصوص كقتالهم في باب القادسية، أو في وقت مخصوص من صباح أو مساء، أو لأمر مخصوص كأن يدفع إليهم جزية أو ضريبة، أو تستمر الهدنة إلى مدة معلومة، أو يتركوا قصد المسلمين في تلك الأوقات، فإنه يجوز خلافهم في ذلك؛ لأن حالهم لا تكون أعلى من حال النبي ÷ فإذا جاز خلافه في ذلك كان جواز خلافهم أولى.

  فإن قيل: إن الأدلة لم تفصل في وجوب اتباعهم بين أمر وأمر في دنيا ولا آخرة.

  قلنا: وكذلك الأدلة التي دلت على وجوب اتباعه # لم تفصل من ذلك بين أمر وأمر اللهم إلا أن يعلم من حالهم أنه لا يجوز مخالفتنا في هذا الرأي، وهذا من البعيد سيما في أمر الحروب وتقلب أحوالها وتصرف وجوهها.

مسألة: [الكلام في الإجماع هل ينعقد من جهة الإجتهاد أم لا؟]

  اختلف أهل العلم في أنه هل يجوز أن ينعقد الإجماع من جهة الإجتهاد أم لا؟