صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

فصل: [الكلام في الطريق الشرعية التي لا يوصل النظر فيها إلى العلم هل تسمى أدلة شرعية أم لا؟]

صفحة 285 - الجزء 1

الكلام في القياس والإجتهاد

فصل: [الكلام في الطريق الشرعية التي لا يُوصل النظر فيها إلى العلم هل تسمى أدلة شرعية أم لا؟]

  اعلم أن أهل العلم اختلفوا في العبارة عن الطريق الشرعية التي لا يوصل النظر إليها على الوجه الصحيح إلى العلم كأخبار الآحاد والقياس والإجتهاد وما شاكل ذلك.

  فذهب الفقهاء وبعض المتكلمين إلى أنها تسمى أدلة شرعية.

  وذهب بعض المتكلمين إلى أنه لم يطلق عليها اسم الدلالة، وأنها تقال أمارة شرعية؛ لأن الدلالة يوجب النظرُ فيها على الوجه الصحيح حصولَ العلم، وما وقع الخلاف فيه يوجب النظرُ فيه على الوجه الصحيح غالبَ الظن.

  وكان شيخنا ¦ يقوي هذه المقالة ويعضدها، وإن كان لا يستبعد المقالة الأولى، ويقول: الخلاف فيما هذه حاله يقع في عبارة لا طائل في الإكثار من ذكرها، والإحتجاج في أمرها، ثم رأيته بعد ذلك لما قسم الأدلة الشرعية أورد الأمارة بلفظ الدلالة، وذلك في كتابه الموسوم بالفائق في أصول الفقه؛ لأنه قال في القسمة: أدلة الشرع لا تخلو: إما أن تكون ظاهراً ونصاً⁣(⁣١)، وغير ظاهر وغير نص، وما ليس بظاهر منه ما لا يحصل فيه طريقة معينة مثل ما يتوصل به إلى قيم المتلفات، ومنه ما له طريقة معينة يسار إليها، وذلك هو القياس.

  ولما كان كل دليل فله مدلول وجب فيما له طريقة معينة أن يدل على مدلول قال: ومدلوله لا يخلو: إما أن يكون حكماً، وإما أن يكون دليلاً على حكم، فما يدل على حكم مما له طريقة يسار إليها فهو القياس، وما يدل على دليل حكم منه ما يدل على علة حكم؛ لأن علة الحكم دليل على الحكم وذلك نحو ما يستدل به على أن الكيل أولى من


(١) هكذا في الأصل ووضع عليها علامة (ظ) التي تفيد الظن، وقال في الهامش: نخ: لأمر ظاهر ونص.