مسألة: [الكلام في أن الدليل قد ورد على التعبد بالقياس]
  لا يظن كونهم فيه، والعمل على ما قدمنا جائز في العقول، وإن كان المرجع به إلى الظن كما نقول في القياس.
  وأما السمع: فالحكم بشهادة الشهود من الظن بصدقهم، وتولية الأمراء والقضاة إذا غلب في الظن سدادهم، والتوجه إلى جهة عند ظن القبلة فيها، والحكم بقصد من النفقة بحسب الظن، إلى غير ذلك مما يكثر تعداده.
  فإذا تقرر هذا لم يمتنع أن يتعبد الله سبحانه المكلف أن يحكم في الفرع بحكم الأصل الثابت إذا غلب على ظنه عند أمارة صحيحة ينصبها له بأنه يجب رده إليه، وإثبات مثل حكمه فيه من حيث تعلقت المصلحة بذلك، إذ ليس فيه أكثر من أنه تعبد بطريقة الظن، وقد بينا جوازه عقلاً وشرعاً، والتكليف إنما يقبح إذا كان بما لا يطاق أو بما لا يعلم، ولا يعلم سببه، أو بما لا تزاح فيه علة المكلف، أو بأن لا يلطف به فيما له فيه لطف، فإذا تعرى من هذه الوجوه حسن، ولا شك في تعري القياس من هذه الوجوه فيجب القضاء بورود التعبد به، وموضع استيفاء الكلام في هذه الجملة أصول الدين، فلا وجه لذكره فوق ما ذكرناه هاهنا، فهذا هو الكلام على جواز ورود التعبد بالقياس، وسيأتي الكلام على أنه قد ورد.
مسألة: [الكلام في أن الدليل قد ورد على التعبد بالقياس]
  عندنا أن التعبد بالقياس قد ورد وقد دل على جواز وروده العقل كما قدمنا، والسمع كما نبينه الآن.
  وحكى شيخنا ¦ أن ذلك مذهب أبي علي، وأبي هاشم، وأبي عبدالله، وقاضي القضاة، - أعني ورود التعبد بالقياس من طريق السمع -.
  وحكى عن الشيخ أبي الحسين البصري أن ذلك يعرف بالعقل والسمع، وكان يذهب إليه، ونحن نختاره، وقد قدمنا الكلام في جواز ورود التعبد به عقلاً.