صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في وجوب تقديم الأمر على المأمور به]

صفحة 53 - الجزء 1

مسألة: [الكلام في وجوب تقديم الأمر على المأمور به]

  مذهبنا أنه يجب تقديم الأمر على المأمور به القدرَ الذي يتمكن المكلف فيه من سماعه والنظر في كيفية التزامه وتأديته ليوقعه على الوجه الذي أمر به.

  وقالت النجارية⁣(⁣١): الأمر مع الفعل كالقدرة، وما قبله ليس بأمر، وإنما هو إعلام.

  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه أنه لا يخرج التكليف عن كونه تكليفاً لما لا يمكن - وذلك لا يجوز على الله سبحانه - إلا بما قلناه، وتقدير أصحابنا رحمهم الله أنه يجب تقديم الأمر على المأمور به لوقت واحد بعيد؛ لأنه يجب على ما بينا تقديمه عليه بأوقات كثيرة تتسع للنظر في الأمر في حصول العلم بعد التجويز وقصد الفعل ليؤديه على وجه المراد.

  واختلف أهل مقالتنا هذه: هل يجوز تقديمه عليه بأكثر من الأوقات التي يتمكن فيها من تأديته على ما أمر به أو لا يجوز؟

  فذهب البغدادية إلى أنه لا يجوز تقدمه أكثر من الأوقات التي ذكرنا.

  وذهب البصريون إلى أنه يجوز بأكثر من ذلك على قدر ما يراه الحكيم سبحانه، وهذا الذي كان شيخنا | يختاره وهو الذي نعتمد.

  وجه ما قلناه: أنه لا يمتنع أن يكون في ذلك مصلحة للمتعبدين بأن يوطنوا النفوس على احتماله، ويهيئوا الآلات المسهلة لفعله، ويكونوا أقرب إلى التزامه، كما ذلك في الآلة والقدرة.

مسألة: [الكلام في الأمر إذا ورد بأشياء على وجه التخيير]

  الأمر إذا ورد بأشياء على وجه التخيير كالكفارات الثلاث مثلاً.


(١) النجارية: إحدى فرق المجبرة منسوبون إلى الحسين بن محمد النجار، وأحدث الحسين النجار مذاهب شنيعة؛ منها: أن أفعال العباد خلق لله كسب للعبد، وأن الاستطاعة مع الفعل، وأحدث القول بالبدل عن الموجود الحاصل لما ألزمه أصحابنا على قوله في الاستطاعة تكليف ما لا يطاق، أنظر: المنية والأمل، جِلاء الأبصار.