صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الداعي للأئمة (ع) وعلماء شيعتهم ¤ إلى التأليف]

صفحة 34 - الجزء 1

[الداعي للأئمة (ع) وعلماء شيعتهم ¤ إلى التأليف]

  والداعي لهم إلى ذلك شدة الرغبة في هداية العباد، والتعرض لما أعد الله سبحانه لمن هدى إلى طريق الرشاد، فصار المتعرض بعدهم لتصنيف كتاب، وتبيين خطاب، لا يجتني إلا من ثمارهم، ولا يمشي إلا في آثارهم، ولا يستضيء إلا بأنوارهم، ولولا أن من يُعْلم فضله - مع تفضيله من كان قبله - سعى في مثل هذا الشأن، ما جرينا في هذا الميدان، ونرجوا من الله سبحانه أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه، ولا يخليها من القصد المطابق لما يفهم من ظاهرها بحقه، حتى يستوي السر والعلانية فيعظم الأجر، ويجبر ثواب الطاعة مشقة الفعل، ولا يجعلنا من الأخسرين أعمالاً، الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

[الداعي له (ع) إلى تأليف هذا الكتاب]

  وقد كان من جماعة من الإخوان الراغبين في العلم النافع، والطالبين للعمل الرافع، تعويل في تصنيف مختصر في أصول الفقه، يعم المهم من أقوال العلماء، ويخص أصول أصحابنا من أئمتنا $، وأتباعهم ¤، ونبين ما نختاره من ذلك ونعتمد عليه لمذهبنا بأدلته، وتمييز شرطه وعلته، فأجبتهم إلى ذلك تعرضاً لما أعد الله سبحانه لمن هدى إلى صراط مستقيم، أو دعا إلى منهاج قويم، وبالله أستعين وأستمد، وإياه أستهدي وأسترشد، صلى الله على محمد وآله.

فصل: [في تعريف الفقه]

  اعلم أرشدك الله وهداك، وآثرك وتولاك: أن الفقه في أصل اللغة: هو العلم، بدليل أنك لا تقول: فقهت هذا الأمر وما علمته، ولا علمته وما فقهته، بل يعد من قال ذلك مناقضاً جارياً مجرى من يقول علمت وما علمت.

  ثم قد صار بعرف العلماء مفيداً للعلم أو الظن بجمل من الأحكام الشرعية وعللها وأسبابها وشروطها التي لا يُعْلَمُ باضطرارٍ أنها من الدين، فمن علمها على هذا الوجه، فقد علم الفقه، ومن لم يعلمها على هذا الوجه بل ظنها أو قلّد فيها لم يكن فقيهاً.