صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في النافي للحكم هل عليه دليل أم لا؟]

صفحة 397 - الجزء 1

مسألة: [الكلام في النافي للحكم هل عليه دليل أم لا؟]

  اختلف أهل العلم في النافي للحكم هل عليه دليل أم لا؟

  فذهب نفر منهم إلى أن النافي للحكم لا دليل عليه كما لا بينة على المنكر.

  وحكى شيخنا | عن قوم أنهم فصلوا القول في ذلك، فقالوا: إن نفى حكماً عقلياً فعليه البينة والدلالة، وإن نفى حكماً شرعياً فلا دليل عليه.

  وذهب جماعة من العلماء إلى أن من نفى حكماً عقلياً كان أو شرعياً فعليه إقامة الدليل.

  وحكى شيخنا ¦ عن الشيخ أبي الحسين البصري والحاكم، وأنه اختيار القاضي شمس الدين ¥ وأرضاه، وكان يذهب إليه ونحن نختاره.

  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: أن النافي للحكم لا يخلو إما أن يكون عالماً بانتفاء ما نفى أو ظاناً أو شاكاً.

  فإن كان عالماً بانتفاء ما نفى فلا بد للعلم من طريق وهي دلالة.

  وإن كان ظاناً فلابد للظن من أمارة، وإلا كان سوداوياً.

  وإن كان شاكاً فالشك ليس بمذهب، وكان الواجب عليه نفي الشك بالنظر في الدلالة.

  ولأن نفيه للحكم مذهب له، ولا يصح المذهب إلا بدليل، ولا يلزم عليه ما مثلوه من أن المنكر لحق الغير لا بيّنة عليه لوجوه:

  أحدها: أنه لا تكليف علينا في الذي في يده هل هو له أم ليس له؟ فيجب علينا البحث عن الدليل ويجب عليه إيضاحه.

  والثاني: أن مطالبته بالدليل لم تلزم لظهور دلالته التي توجب ملكه في الشرع وهي اليد.

  ومنها: أنه لا يلزمنا اعتقاد صحة ملكه لها فنطالبه بإيجادنا دلالة يجوز لنا العمل عليها بخلاف النافي للحكم.