صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في لفظ الجمع إذا أطلق]

صفحة 80 - الجزء 1

  وعند بعضهم أن أقل الجمع اثنان، وهذا يروى عن أبي يوسف⁣(⁣١)، وروى بعض أصحاب أبي حنيفة أن أبا يوسف لم يصرح بهذا، وإنما الجمعة⁣(⁣٢) على الإثنين فحمل ذلك عليه.

  ومذهبنا هو الأول.

  والذي يدل على صحته: أن أهل اللغة فرقوا بين لفظ الواحد، وبين لفظ الإثنين، وبين لفظ الجمع، فقالوا في لفظ الواحد: زيد، وفي لفظ التثنية: زيدان، وفي لفظ الجمع: الزيدون، فلولا أن أقل الجمع عندهم ثلاثة لما عبروا عنه بما يخالف لفظ التثنية؛ ولأن لفظ الجمع لو كان حقيقة في الإثنين لتعلق به لفظ الجمع كالثلاثة فكان يجوز أن يقال: اثنان رجال، كما يجوز أن تقول: ثلاثة رجال، ومعلوم أن ذلك لا يجوز؛ ولأنه لو كان حقيقة في الإثنين لدخل عليهما واو الجمع كما دخل على الثلاثة؛ فجاز أن تقول على وجه الحقيقة للاثنين دخلوا، كما تقوله للثلاثة، ومعلوم خلافه أيضاً؛ ولأن الإنسان إذا قال: عندي لفلان دراهم، لم يصدق فيما دون الثلاثة.

مسألة: [الكلام في لفظ الجمع إذا أطلق]

  اختلف من قال بأن أقل الجمع ثلاثة في لفظ الجمع إذا أطلق.

  فمنهم من قال يجب حمله عند إطلاقه على الثلاثة فما زاد عليها إلا أن يمنع منه الدليل، وهو الذي نختاره، وهو المروي عن السيد أبي طالب، والشيخ أبي علي.

  ومنهم من يقول: إنه يجب حمله على ثلاثة فقط، ولا يحمل على أكثر منها إلا بدلالة،


(١) أبو يوسف هو: يعقوب بن إبراهيم الأنصاري القاضي أبو يوسف الكوفي، صاحب أبي حنيفة، العلامة فقيه العراقين، ثقة ثبت، منصف في الرواية صدوق، فقيه أصولي بارع، ملازم لأبي حنيفة، توفي في ربيع الآخر سنة (١٨٢ هـ) وعمره (٦٩) عاماً.

(٢) يعني أن بعض أصحاب أبي حنيفة خرج ذلك القول لأبي يوسف على قوله: (إن الإثنين تجب عليهما الجمعة إذا كان هناك إمام)، واستدل على ذلك بقوله تعالى: {فَاسْعَوْا}⁣[الجمعة: ٩]، قالوا: وهذا يدل من مذهبه على أن أقل الجمع الحقيقي اثنان. تمت مقنع معنى.