صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

فصل: [الكلام في أركان القياس]

صفحة 289 - الجزء 1

  للجوز باعتبار تعليل البر، ولم يكن قياساً ولا كان تحصيله قياساً لما لم يجمع بينهما بشبه، ولا تربطهما علة عند المجتهد، إلا أن يراد بهذا التحديد ما يشمل الصحيح والفاسد من الحدود فيجزي في ذلك أن يقال: القياس هو إجراء حكم الشيء على الشيء؛ فإن من فعل ذلك ولم يعتبر في القياس ما قدمنا يقال: لم قست ما لا يقاس؟ وأخطأت في هذا القياس.

فصل: [الكلام في أركان القياس]

  فإن قيل: فما الأصل؟ وما الفرع؟ وما الشبه؟ وما العلة؟ وما الحكم الذي قدمتم ذكره وتكلمتم فيه؟

  قلنا: إن الفقهاء والمتكلمين قد اختلفوا في أصل القياس.

  فعند المتكلمين: الأصل هو الخبر الدال على ثبوت الربا في البر، والفرع هو الحكم المطلوب إثباته بالتعليل لقبح بيع الأرز متفاضلاً؛ لأنه هو المتفرع على غيره دون نفس الأرز.

  وعند الفقهاء: أن الأصل هو الشيء الذي يثبت حكم القياس فيه بالنص كالبر، أو يسبق العلم بحصول حكم القياس فيه.

  وقد قال بعضهم: بل هو حكم القياس من حيث هو ثابت بالنص، نحو كون التفاضل في البر حراماً، والفرع هو الذي يطلب حكمه بالقياس أو الذي يتعدا إليه حكم غيره أو الذي يتأخر العلم بحكمه كالأرز.

  وما ذكره المتكلّمون أولى، وكان شيخنا | يعتمده، ونحن نختاره.

  ويحتج له: بأن الأرز لا يتفرع على غيره، وإنما المتفرع حكمه، وكذلك البر ليس بأصل، وإنما الأصل حكمه.

  وأما الشبه: فهو ما يستوي فيه الشيئان من الصفات سواء كانت صفة ذاتية أو غير ذاتية كاشتراك الجوهرين في التحيز، وقد يكون الشبه صفة تفيد حكماً عقلياً وسمعياً، وغرض الفقهاء من ذلك ما اقتضى الحكم السمعي.