صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تقسيم طرق الإجماع]

صفحة 276 - الجزء 1

فصل: في معرفة طرق الإجماع التي بها يلزم فرض الإجماع

[تقسيم طرق الإجماع]

  اعلم أن طرق الإجماع لا تخلو: إما أن تكون شرعية معلومة أو مظنونة.

  فالمعلومة لا تخلو: إما أن تكون عقلية أو غير عقلية، وغير العقلية لا تخلو: إما أن تكون شرعية أو غير شرعية، ولا يجوز أن يحصل لنا علم الإجماع بالعقل؛ لأنه لا هداية للعقل إلى العلم بأحوال الناس؛ لأن ذلك يلحق بعلم الغيب الذي استأثر الله سبحانه بالإحاطة به.

  ولا يجوز حصوله بطريق شرعية؛ لأن ما يوجب منها العلم هو الكتاب والسنة ولا دليل فيهما على وقوع علم الإجماع لنا.

  وغير الشرعية هي الأخبار المتواترة والمشاهدة وهذه جملة ما يتوهم حصول العلم لنا بالإجماع بها، والمشاهدة والأخبار المتواترة طريقان لنا إلى العلم بالإجماع، فالمشاهدة في ذلك تنقسم إلى قسمين:

  مشاهدة الكل يفعل فعلاً أو يقول قولاً، ومشاهدة البعض يفعل فعلاً أو يقول قولاً، ثم يحصل لنا العلم باختيار الباقين لذلك الفعل والقول، أو بما يضطر إليه من شاهد الحال أو بنقل من يعلم بنقله صحة ما نقله، فهذا العلم الذي يحصل لنا في الإجماع من طريق المشاهدة.

  وأما ما يحصل لنا بالأخبار المتواترة فعلى وجهين أيضاً:

  أحدهما: أن ينقل إلينا العدد الذين يكون خبرهم متواتراً - لبلوغهم في الكثرة إلى حد مخصوص وتباين أغراضهم -، أنهم شاهدوا الأمة تفعل فعلاً أو تقول قولاً علموا قصدهم فيه، أو ينقل إلينا من قدمنا ذكره أنه شاهد البعض يفعل فعلاً أو يقول قولاً مما الحق فيه واحد بمحضر الباقين أو علمهم ولم ينكر عليه مع ارتفاع الموانع، فإن هذه الوجوه توجب العلم بحصول الإجماع.