فصل: في كيفية فتوى المفتي
  ويكون عارفاً بحقيقة الخطاب ومجازه وأقسامه وأحكامه جملة وتفصيلاً، ويدخل تحت هذا الأوامر والنواهي، والخصوص والعموم، والمجمل والمبين، والناسخ والمنسوخ.
  وبكيفية الإستدلال بالخطاب ليمكنه الإستدلال به على الأحكام، ويجب أن يكون عارفاً بالقياس وشروطه وما يصح منه وما يفسد؛ ليُمْكِنَه معرفة الأحكام من جهة القياس والإجتهاد، وعارفاً بكيفية الإجتهاد، والوجه الذي تلحق لأجله المسألة بباب الإجتهاد.
  فمتى اختص بما ذكرنا جاز أن يجتهد في المسائل فيفتي نفسه وغيره ويحكم على غيره ويجوز أن يجتهد في الفرائض بعلمه لأصولها؛ لأن الظاهر من أحكام الفرائض أنها لا تستنبط من غيرها إلا في النادر وإن استنبطت من غيرها فهو أيضاً يرجع إلى الأصول، ولأن الذهاب عن النادر لا يقدح في الإجتهاد، كما أن المجتهد قد يخفى عليه من النصوص اليسير ولا يقدح ذلك في كونه من أهل الإجتهاد.
فصل: في كيفية فتوى المفتي
  اعلم أنه لا يجوز للمفتي أن يفتي بالحكاية عن غيره بل إنما يفتي باجتهاده؛ لأنه إنما يسأل عما عنده ولا يسأل عن قول غيره، وإن سئل أن يحكي قول غيره جاز له أن يحكيه، ولو جاز له أن يفتي بالحكاية لجاز للعامي أن يفتي بما يجده في كتب الفقهاء، والإجماع يمنع من ذلك، ومتى لم يتقدم من المفتي اجتهاد في المسألة وجب عليه الإجتهاد فيها قبل الفتوى؛ فإن تقدم منه اجتهاد وقول في المسألة، وكان ذاكراً لذلك القول وطريقة الإجتهاد لم يجب عليه تجديد الإجتهاد؛ لأنه كالمجتهد في الحال، وإن لم يذكر طريقة الإجتهاد فهو في حكم من لا اجتهاد له فالواجب عليه تجديد الإجتهاد، وإذا لم يجز له أن يفتي فيؤخذ بفتواه فالأحرى أن لا يجوز للعامي الأخذ بفتوى من مات؛ لأنه لا يدري أنه لو كان حياً لكان ذاكراً لطريقة الإجتهاد وراضياً بذلك القول أم لا؟
  وكان شيخنا ¦ يقرر ذلك القول عن ذلك الفقيه ويوجب القطع على أنه اجتهاده، قال: لأن موته قد أزال عنه التكليف فجرى مجرى من اجتهد في مسألة قبل