صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في خبر الواحد إذا وقع الإجماع على مقتضاه]

صفحة 275 - الجزء 1

مسألة: [الكلام في خبر الواحد إذا وقع الإجماع على مقتضاه]

  فأما خبر الواحد إذا وقع الإجماع على مقتضاه فقد اختلف أهل العلم هل يجب القطع على أنهم أجمعوا لأجله أم لا؟

  فحكى شيخنا ¦ عن الشيخ أبي هاشم أنه قال: يجب القطع على أنهم أجمعوا لأجله.

  وحكى عن الشيخ أبي عبدالله والشيخ أبي الحسين أنه لا يجب القطع على ذلك إلا إذا علم أنهم أجمعوا لأجله، وكان شيخنا ¦ يعتمد ذلك، وهو الذي نختاره.

  والذي يدل على صحته: أن خبر الواحد أمارة يجوز اختلافهم في استعمالها، وذلك معلوم لنا من حالهم؛ لأنهم متعبدون فيها بغالب الظن ويجوز أن لا يغلب على ظن بعضهم صدق ذلك الخبر فلا يجوز لهم العمل عليه، ويعملون على خبر آخر أو قياس، ومع تجويز هذا لا يجوز القطع على أنهم أجمعوا لأجله؛ لأنه يكون إقداماً على ما لا يأمن الإنسان خطأه فيه وذلك لا يجوز.

  فأما إذا علم أنهم أجمعوا لأجله فإنه يجب علينا القطع على ما نحن نعلم، وحصول العلم لنا أنهم أجمعوا لأجله يقع بوجوه:

  منها: أن يختلفوا في الحكم إلى أن يروي الواحد الخبر فينقطع الخلاف لأجل روايته وذلك كخبر وجوب الغسل من التقاء الختانين.

  ومنها: أن يتوقفوا في الحكم حتى يروي لهم الراوي الخبر كما في قصة خبر عبد الرحمن بن عوف في المجوس.

  ومنها: أن ينصوا أنا أجمعنا لهذا الخبر.

  ومنها: أن لا يكون للإجماع وجه يرد إليه إلا معنى هذا الخبر، وهذا النوع الآخر يمكن أن لا يحصل لنا به العلم أنهم أجمعوا لأجله لتجويزنا أن يكون له وجه آخر من أخبار الآحاد قضى بصحته عند بعضهم ثم لم ينقل إلينا اكتفاء بالإجماع فانقطع نقله فلا يجوز لنا مع هذا التجويز القطع فيما هذا حاله.