صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في قول الراوي هل يخص به الخبر أم لا؟]

صفحة 100 - الجزء 1

مسألة: [الكلام في قول الراوي هل يخص به الخبر أم لا؟]

  ذهب أكثر أصحاب أبي حنيفة، والشيخ أبو عبدالله وأبو الحسين وبعض الشافعية وهو الذي نصره شيخنا | وهو الذي نختاره⁣(⁣١): أن العموم إذا ورد عن النبي ÷ لا يخص بقول رواته فلا يكون مؤثراً فيه.

  ومنهم من ذهب إلى أنه يخص بقول الراوي، وهو المروي عن بعض أصحاب الشافعي، ومنهم من رواه عن الشافعي إذا كان العموم يحتمل معنيين فحمله الراوي على أحدهما، كقوله ÷: «البيّعان بالخيار ما لم يفترقا⁣(⁣٢)» فإن راويه وهو عبدالله بن عمر حمله على تفرق الأبدان دون الأقوال، ومثله ما روي عنه ÷: «إذا ولغ الكلب من إناء أحدكم فاغسلوه سبعاً⁣(⁣٣)» فإن راويه هو أبو هريرة كان يوجب غسله ثلاثاً فخصوا هذا العموم بفعل الراوي.

  وعندنا أن الراوي إن كان علم قصد النبي ÷ خصصنا العموم بقوله؛ لأن تحسين الظن به يوجب ذلك كما نقوله في حديث أبي هريرة، وإن لم يعلم قصده بل ظنه أو استدل عليه لم يخص به العموم كما نقوله في حديث ابن عمر؛ لأن قول الراوي على هذا الوجه مذهب له ولا يجب علينا اتباعه في مذهبه، فلا يجوز تخصيص العموم به.


(١) وهو اختيار السيد أبي طالب # وأبي الحسن الكرخي، وقاضي القضاة، وكثير من المتكلمين. تمت مقنع.

(٢) رواه الإمام أحمد بن عيسى في كتاب رأب الصدع (٢/ ١٢٧٤) رقم (٢١٩٣)، وأخرجه: البخاري في كتاب البيوع (٤/ ٣٨٤) رقم (٢١٠٩)، ومسلم أيضاً (٣/ ١٦٣) رقم (١٥٣١)، وأحمد في المسند (٢/ ٤١٦) رقم (٨١١٩)، والطبراني في الأوسط (١/ ٢٦٣) رقم (٩٠٨).

(٣) رواه الإمام أحمد بن سليمان في أصول الأحكام، والأمير الحسين في الشفاء، وأخرجه البخاري في الوضوء (١/ ٣٣٠) رقم (١٧٢)، ومسلم في كتاب الطهارة (١/ ٢٣٤) رقم (٢٧٩)، والطبراني في الأوسط (٣/ ١٣) رقم (٣٧١٩)، ومالك في الموطأ (١/ ٣٤) رقم (٣٥)، والطبراني في الصغير (١/ ٩٣).