مسألة: [الكلام في الخبر إذا ورد بخلاف القياس هل يقبل ويترك القياس أم لا؟]
  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: أن كل أمرين استويا في الظهور، وكان الداعي إلى نقل أحدهما كالداعي إلى نقل الآخر، فإنه يجب أن يستوي نقلهما؛ لأن ما دعا إلى نقل أحدهما هو بعينه داعٍ إلى نقل الآخر، لولا ذلك لجوزنا أن يكون إمرؤ القيس قد عُورض بقصائد تبرز على شعره في الفصاحة والجزالة ولم ينقل إلينا، ولجوزنا أن يكون موسى صلى الله عليه قد عورضت معجزاته بما هو أبهر منها، وإنما لم تنقل إلينا.
  وكذلك القرآن الحكيم نجوز معارضته على هذا القول بما هو مساوٍ له في النظم والفصاحة، وإن لم ينقل على حد نقله، وكل ذلك لا يجوز لأن ما دعا إلى نقل أحدهما هو بعينه يدعو إلى نقل الآخر، فإذا استويا لم يكن لأحدهما مزية على الآخر، ولا وجه يوجب نقل أحدهما دون الآخر مع الإستواء، فيجب أن نقضي بفساده.
  فأما ما ذكره شيخنا ¦ من أن ذلك يجب من طريق العادات والعادة لا يقاس عليها، ولا تكون طريقاً إلى العلم بشيء أصلاً، فإذا لم ينقل إلينا أحد الأمرين مع استوائهما في باب الدواعي إلى نقلهما علمنا بذلك أنهما لم يستويا في الظهور في الأصل.
  فأما الجهر بالبسملة فقد علل شيخنا ¦ تعذر استوائهما في ظهور النقل بعلة ظاهرة، وهي أنهما لم يستويا في الأصل؛ لأن النبي ÷ كان يجهر بالبسملة في حال اشتغال المسلمين بالتكبير فيسمعه بعضهم يجهر، وبعضهم لا يسمعه من رهج التكبير، وليس كذلك الفاتحة لأنه يفرغ من البسملة عند فراغهم من التكبير فيسمعه الكل أو الأكثر، فلهذا استفاض نقل الجهر بالفاتحة، ولم يستفض نقل الجهر بالبسملة.
مسألة: [الكلام في الخبر إذا ورد بخلاف القياس هل يُقبل ويُترك القياس أم لا؟]
  اختلف أهل العلم في الخبر إذا ورد بخلاف القياس هل يقبل ويترك القياس أم لا؟
  فحكى شيخنا ¦ عن الشافعي أن الأخذ بالخبر أولى، وهو قول أبي الحسن.