صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [مما ألحق بالمجمل وليس منه]

صفحة 117 - الجزء 1

  فأما تعلقهم به في الرقبة فبعيد جداً؛ لأن الإنفاق ليس من العتق في شيء؛ لأنه إذا قيل: أنفق فلان شيئاً من ماله، لم يعقل منه العتق لا لغة ولا شرعاً، ولأنه سبحانه قد كشف الغرض في هذه الآية بقوله: {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}⁣[البقرة: ٢٦٧]، فجعله مما في مقابلة الأخذ وذلك لا يصح في العتق.

مسألة: [مما ألحق بالمجمل وليس منه]

  ومما ألحق بالمجمل وليس منه عندنا قولهم: اعط فلاناً دراهماً، فعند بعضهم أنه مجمل.

  والذي يدل على ما قلناه: أنه يصح من المأمور امتثال هذا الأمر بظاهره على التعيين وما صحّ امتثاله فليس بمجمل.

  أما أنه يصح امتثاله على هذا الوجه: فلأنه إذا أعطاه ما هو أقل الجمع وهو ثلاثة خرج عن عهدة هذا الأمر؛ لأن ما زاد على الثلاثة لا يصح الإنتهاء إلى قدر منه دون ما زاد عليه، وحمل اللفظ على ما يصح تعليقه به لا يمكن لغة ولا شرعاً، فوجب الإقتصار على الثلاثة لاستحالة تعلقه أيضاً بما دونها على وجه الحقيقة، فبقيت الثلاثة معلومة دون الأقلّ والأكثر.

  وأما أنما هذا حاله فليس بمجمل: فلأنه خارج عن حده، فلو كان من جملته لما كان خرج عنه.

مسألة: [في بيان أن قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} ليس بمجمل]

  ذهب بعض الفقهاء⁣(⁣١) إلى أن قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}⁣[المائدة: ٦]، مجمل لا يصح التعلق بظاهره، وذهب أكثر العلماء⁣(⁣٢) إلى أنه ليس بمجمل وهو الذي نختاره.


(١) هو قول أكثر الحنفية، وجماعة من الشافعية، ونفر من المتكلمين. تمت مقنع

(٢) هو قول أكثر الشافعية، وبعض الحنفية، وكثير من المتكلمين كأبي علي والقاضي وأبي الحسين. تمت مقنع.