صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في تأخير البيان عن وقت الخطاب]

صفحة 126 - الجزء 1

  والثاني: أن يكون الفعل الواجب الخطاب من قبيل التراخي، وسواء كان ذلك في العموم أو المجمل أو الأمر أو الخبر.

  والذي يدل على صحة ما قلناه: أنه لا يمتنع أن تتعلق المصلحة بالخطاب بالعام، ويكون المراد به الخاص، ويؤخر الثاني لمصلحة أخرى، وقول من يقول إنه يؤدي إلى إغراء المكلف باعتقاد الجهل لا يصح؛ لأنه إذا علم بالتنبيه⁣(⁣١) أن العام لا بد من خصوصه جوز الممكن، فلم يحمله على العموم.

  ومثاله: قول النبي ÷: «في الرقة ربع العشر» ثم يقول مثلاً: - ولا يدريكم ما أخرج - من الرقة بعضاً لا يجب فيه الزكاة فإنه يلزمهم أن يعتقدوا وجوب الزكاة في الرقة على سبيل الجملة، إلا فيما أخرجه الدليل، وينتظرون الدليل، ولا يلزمهم الإخراج إلا إذا وقع البيان.

  فأما في المجمل فالأمر أظهر؛ لأنه لا يمتنع أن يمنع الله سبحانه تعلق المصلحة في إيهام الخطاب، ولهذا فعله سبحانه وتعالى، ويكون الواجب على المكلف امتثال مقتضاه عند وقوع البيان، ولا يتعبد بما هذا حاله إلا وهو متمكن - عند الحاجة، وتضيق وقته - من بيانه.

  ومثاله: كما قال سبحانه: {وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}⁣[الأنعام: ١٤١]، وإن كان المروي عن جدنا عبدالله بن الحسين⁣(⁣٢) # أن هذه الآية من باب المنسوخ⁣(⁣٣)،


(١) التنبيه: الإشعار، وهو أن يقول المتكلم بالعام: اعلموا أنه مخصوص وما يبينه لهم، أو جوزوا خصوصه حتى أبينه. تمت من حاشية على الأصل.

(٢) عبدالله العالم بن الحسين الحافظ بن القاسم ترجمان الدين بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغَمْر بن الحسن الرضا بن الحسن السبط بن علي أمير المؤمنين بن أبي طالب $، صنو الإمام الهادي #، يكنى أبا محمد وأبا الحسين، قال الإمام المنصور بالله # في الشافي ج ٢/ ١٣٤: ولا يعرف في جميع أنساب الطالبيين وفي مشجراتها وشعرها وكتبها وجرائدها إلا بالعالم ولا يوجد ذلك لغيره، وكفى بذلك شاهداً بفضله، وكذلك رأيناه في =