صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في خبر الواحد هل يحصل عنده العلم أم لا؟]

صفحة 177 - الجزء 1

  المتوالية ينقلون خبراً يستند إلى العلم ثم لا يحصل العلم لجوزنا سلامة بعض من لا يعتقد نبوة الأنبياء $ من العقلاء، ولا يلتزم شرائعهم، بأن نجوز أن الله سبحانه لم يخلق العلم لهم بذلك فيعذرهم لفقده، وفي علمنا أنهم غير معذورين بإجماع الأمة والأئمة $ دلالة أن الأمر فيما هذا حاله لا يختلف، وأنه لا يجوز في الحكمة أن لا يوجد العلم لبعض الأشخاص من العقلاء في بعض الأوقات أو الجهات، وجريانه على هذا الوجه يكون حراسة لأعلام النبوة وشرائع الأنبياء، ولا يلزم مثل هذا في العدد القليل، فلهذا جوزنا حصول العلم بخبر عدد دون عدد مثلهم، ولشخص دون شخص، واختلاف الحال فيه، وكما لا يبعد أيضاً استواء الناس في الدرس الكثير وحصول العلم للجميع عنده، وإن اختلفوا في القليل، فكذلك في مسألتنا هذه.

مسألة: [الكلام في خبر الواحد هل يحصل عنده العلم أم لا؟]

  اختلف أهل العلم في خبر الواحد هل يحصل عنده العلم أم لا؟

  فحكى شيخنا | عن أبي إسحاق النظام أن خبر الواحد يوجب العلم، وأحسب أنه ذكر لنا في التدريس أنه قال: إنه يوجب العلم إذا قارنه سبب، وروى ذلك عن الظاهرية، وعن السيد المؤيد بالله #، وهو الذي نختاره إيجابه للعلم وإن لم يقارنه سبب.

  وروي عن شيوخنا المتكلمين رحمهم الله تعالى أن خبر الواحد لا يوجب العلم، وهو الذي كان يذهب إليه، ويحتج له.

  والدليل على صحة المذهب الأول: هو ما قدمنا في المسألة الأولى، وذلك أنه إذا ثبت كونه من فعل الله سبحانه جاز أن يحصل بخبر واحد دون أحد، ولا يمتنع أن يعلم الله سبحانه المصلحة في ذلك، ولا يلزم من ذلك ما ذكر ¦ من أنه كان يجب أن يحصل لنا العلم بصدق أحد المتلاعنين وكذب الآخر؛ لأن ذلك بناء منه على أن كل قدر حصل العلم بخبرهم فإنه يجب اطراده، وقد بينا أن ذلك لا يلزم بما بينا من الدرس الذي أجريناه مجراه.