صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في خبر الواحد متى يعمل عليه]

صفحة 184 - الجزء 1

  وهذا الذي نختاره، وكان شيخنا | يذهب إليه.

  والذي يدل على صحته: ما تقدم في المسألة الأولى من عمل الصحابة على خبر الواحد، وإن لم يروه سواه، كخبر عبد الرحمن في قصة المجوس، وحمل بن مالك في دية الجنين إلى غير ذلك مما يكثر تعداده، وكانوا بين عامل به وراجع إليه ومقر عليه، فكان ذلك إجماعاً، والإجماع حجة على ما يأتي بيانه في باب الإجماع إن شاء الله تعالى.

  وحيث ردوا خبر الواحد في بعض الحالات فإنما ردوه لأمر يخص الراوي كما فعله أمير المؤمنين # في خبر⁣(⁣١) معقل بن سنان الأشجعي، أو لأمر يخص الخبر كما فعله عمر في حديث⁣(⁣٢) فاطمة بنت قيس، وما شاكل ذلك مما ردته⁣(⁣٣) الصحابة، وإنما ردوه


(١) خبر معقل بن سنان الأشجعي: هو ما أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من رواية مسروق عن علقمة، قال: أُتي عبد الله بن مسعود برجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يفرض لها ولم يدخل بها فقال: أقول فيها برأيي، لها صداق نسائها وعليها العدة، ولها الميراث.

فقال معقل بن سنان الأشجعي: قضى رسول الله ÷ في بروع بنت واشق بما قضيت؛ ففرح بذلك.

أما عند أئمتنا $ فغير مقبول لما رووا أن أمير المؤمنين # كان يقول في حديث بروع: لا يقبل قول أعرابي من أشجع على كتاب الله وسنة رسوله.

وفي شرح التجريد: قد سقط خبره عندنا بجرح علي # لأنه قال: لا يقبل قول أعرابي بوال على عقبيه على كتاب الله إلى آخره، ويريد به معقل بن سنان الأشجعي الذي قال لابن مسعود: قضى به رسول الله ÷ وأشار أمير المؤمنين بذلك إلى قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}⁣[البقرة: ٢٣٦].

قال الإمام المنصور بالله #: وهذا نهاية القدح؛ لأن الوعيد ورد على ترك الاستنزاه من البول. انظر الاعتصام (٣/ ٢٣٥)، والشافي (١/ ٥١).

(٢) خبر فاطمة بنت قيس: عن فاطمة بنت قيس أنه طلقها زوجها في عهد النبي ÷ وكان أنفق عليها نفقة دوناً فلما رأت ذلك قالت: والله لأعلمن رسول الله ÷ فإن كانت لي نفقة أخذت الذي يصلحني وإن لم يكن لي نفقة لم آخذ منه شيئاً فذكرت ذلك لرسول الله ÷ فقال: «لا نفقة لك ولا سكنى» هذه إحدى روايات =