مسألة: [الكلام في الخبر إذا ورد بخلاف قياس الأصول]
  وعند الشافعي جميع ذلك بخلاف قياس الأصول، وهي مقبولة.
  وفرق أبو عبدالله بين هذه الأخبار بأن قال: كلما ورد ونفس ما تضمنه الخبر في الأصول بخلافه فهو بخلاف الأصول كخبر القرعة فإنه نقل للحرية.
  وأجمعوا أنه لا يجوز خلاف قياس فهو ما ورد به النص ولم يوجد خلافه بعينه في الأصول، ولكن نظائره توجد كنبيذ التمر ليس في الأصول، ومخالفهم يقيسه بنبيذ الزبيب، وكذلك القهقهة يقيسها المخالف على سائر الأحداث، وعلى هذه الطريقة يجري الخلاف في سائر الأخبار هل هي مخالفة للأصول أو لقياس الأصول؟ وذلك يخرج إلى اعتبار كل خبر في نفسه.
= وصفة، ولبن المصراة يجوز أن يخالف لبن غير المصراة في صفة أو خاصية، وخبر المصراة إنما منع من قياس ما ظن فيه التماثل على ما يتيقن فيه.
(٢) أما خبر نبيذ التمر فهو: ما ورد في حديث ابن مسعود عند البيهقي وأبي داود والترمذي وابن ماجه عن أبي فزارة عن أبي زيد عن عبدالله بن مسعود، قال: قال لي رسول الله ÷ ليلة الجن: «ما في إداوتك؟»، قلت نبيذ تمر، قال رسول الله ÷: «تمرة طيبة، وماء طهور»، وفي رواية الترمذي: «فتوضأ منه»، ورواه ابن أبي شيبة بلفظ: «هل معك من وضوء»، قلت: لا، قال: «فما في إداوتك»، قلت: نبيذ تمر، قال: «تمرة حلوة وماء طيب»، ثم توضّأ وأقام الصلاة، انتهى من الوض النضير، (١/ ١٧٢)، وأما خبر القهقة فقال الإمام القاسم بن محمد @ في الاعتصام: وفيه - أي في الجامع الكافي - أيضاً، وروى محمد بإسناده عن زكريا بن سلّام عن عبيد بن حسان وحمزة بن سنان رفعاه قالا: قال رسول الله ÷: «يُعاد الوضوء من سبع: من دم سائل، أو قيء ذارع، أو من دسعة تملأ الفم، أو من نوم مضطجع، أو قهقهة في الصلاة، أو من تقطار بول، أو من حدث»، انتهى، فهذان الخبران وما شابههما مخالفان لقياس الأصول بالإجماع، ووجه المخالفة:
أن خبر نبيذ التمر مخالف للقياس على سائر الأنبذة؛ فإن الإجماع منعقد على أنه لا يجزي التوضئ بها، وخبر نبيذ التمر من أنواعها، فالخبر الوارد مخالف للقياس عليها.
وخبر القهقهة مخالف للقياس على الكلام في الصلاة؛ لأن الكلام في الصلاة لا يوجب نقض الوضوء، والقهقهة من جنس الكلام؛ فالخبر الوارد مخالف للقياس عليها أيضاً.