صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في أفعال النبي ÷ هل هي أدلة أم لا؟]

صفحة 237 - الجزء 1

  وكان ¦ يقول: إن من يقول إنها أدلة إذا عرفت وجوهها التي وقعت عليها إن علمت الطريقة التي اتبعها النبي ÷ وكانت عقلية أو سمعية، فإنه يرجع إليها في الإستدلال، وإن لم تعرف الطريقة فما هذه حاله ضربان، بيان لمجمل، وغير بيان لمجمل، فما كان بياناً لمجمل أجري عليه حكمه، فإن دل المجمل على الوجوب كان مثل ذلك الفعل واجباً علينا، وإن دل على الندب كنا مندوبين إلى مثله، وإن كان مباحاً كان مثله مباحاً لنا.

  وإن لم يكن بياناً لمجمل كان الواجب علينا تعرف الوجه الذي أوقعه عليه، فعلى أي وجه أوقعه وجب علينا إيقاعه على مثله.

  وقال شيخنا ¦ إن ذلك مذهب شيوخنا المتكلمين، وأبي الحسن الكرخي، وأبي الحسين البصري.

  واختيارنا في هذه المسألة: أن الفعل إذا وقع من النبي ÷ فلا يخلو إما أن يقع لدلالة عقلية أو لا يقع؛ فإن وقع لدلالة عقلية كان حكمنا في ذلك الحكم مثل حكمه؛ لأن الكل منا ومنه ÷ متعبد باتباع قضية العقل والتكليف علينا وعليه في ذلك واحد، ولا نعد متأسين له والحال هذه، كما لا نعد متأسين بمن اتبعنا طريقته من الشيوخ في الأدلة العقلية؛ لأنا لم نتبع مقتضى الطريقة العقلية؛ لأنه سلكها بل لأن العقل قضى بذلك.

  وإن كان الخطاب شرعياً فلا يخلو إما أن يكون مجملاً أو مبيناً، فإن كان بخطاب مبين فتوجهه إليه # كتوجهه إلينا، واتباعنا له لأجل وروده من الحكيم الذي لا يسوغ خلافه، فلا نكون متأسين به والحال هذه، وكان حكمه فيه كحكمنا.

  وإن كان بياناً لمجمل لزمنا فعله؛ لأنه # فعله، وكنا متأسين به في هذه الحال.

  وإن لم يكن لواحد من النوعين المتقدمين وهما الخطاب ودلالة العقل لم يخل أيضاً إما أن نضطر إلى علم وجهه الذي أوقعه عليه أو لا نضطر؛ فإن اضطررنا إلى علم وجهه