مسألة: [الكلام في إختلاف أهل العصر على قولين، هل يجوز إحداث قول ثالث أم لا؟]
  والذي يدل عليه: أن الأدلة إنما قضت بتحريم اتباع غير سبيلهم، وهذا القول الثالث على الوجه المتقدم لم يتبع فيه غير سبيلهم؛ لأنه إنما قال ببعض قول هؤلاء وبعض قول هؤلاء، فكان على الحقيقة متبعاً لسبيلهم، ولم تنتظم المسألتين دلالة توجب الإقتران بينهما ولا علم ذلك من دينهم فيكون القول الثالث اتباعاً لغير سبيلهم.
  ومثال المسألة: ما روي عن ابن سيرين(١) في زوج وأبوين، وزوجة وأبوين، فإن الصحابة افترقت في هاتين المسألتين على قولين:
  فمنهم من قال: لها ثلث ما يبقى بعد فرض الزوج أو الزوجة في المسألتين جميعاً.
  ومنهم من قال: لها ثلث جميع المال في المسألتين جميعاً.
  وفرق ابن سيرين بين المسألتين، فقال في امرأة وأبوين: للأم ثلث جميع المال، ولها ثلث ما يبقى مع زوج وأبوين، فقال بقول ثالث، ولم يخرج مما عليه الفريقان بل قال ببعض قول هؤلاء وبعض قول الآخرين.
  وكذلك الرواية عن سفيان الثوري(٢) أنه قال: إن الأكل ناسياً في نهار شهر رمضان لا يفطر والجماع ناسياً يفطر، ومن تقدمه افترقوا على قولين:
(١) محمد بن سيرين الأنصاري مولاهم، أبو بكر البصري، وثَّقَه ابن سعد والحاكم، توفي سنة عشر ومائة، وروى المنصور بالله # أنه كان عدلي المذهب، وصحح ذلك، وكان مشهوراً بتعبير الرؤيا، وهو ممن بايع الإمام الحسن بن الحسن وخرج معه. توفى سنة (١١٠ هـ)، انظر الجداول (خ).
(٢) سفيان بن سعيد الثوري، أبو عبدالله، عالم الشيعة الزيدية، ورباني الأمة المحمدية، عالم عصره وزاهده، الإمام الثبت الحجة، توفي سنة إحدى وستين ومائة.
كان يقول: حب بني فاطمة والجزع لهم مما هم عليه من الخوف والقتل يبكي من في قلبه شيء من الإيمان.
ولما قتل إبراهيم بن عبدالله # قال سفيان: ما أظن الصلاة تقبل إلا أن فعلها خير من تركها.
وكونه من خلصان الزيدية، معلومٌ بين علماء البرية، وكان من خواصّ الإمام عيسى بن زيد بن علي $.
=