صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في حد القياس]

صفحة 287 - الجزء 1

  ومنهم من قال: إنه التشبيه وهذا يلزم من أن يكون من قال الأرز يشبه البر في الصلابة أن يكون قايساً، وأن يوصف الله سبحانه بأنه قايس إذا شبه أحد الشيئين بالآخر، ومعلوم خلافه.

  ومنهم من قال: هو مقابلة الفروع بالأصول ليعلم ما يوافقه، وهذا يلزم أن من قابل الفروع بالأصل الذي لا تثبت فيه علة الحكم أن يكون قايساً، وأن تكون مقابلته قياساً.

  ومنهم من قال: هو التعديل بين الشيئين، وهذا ينتقض بمن يسوي بين الأمرين لغير شبه يجمعهما ولا علّة تنتظمهما، فيقول: البر عندي كالسمن مثلاً أو غيره من المائعات؛ فإنه لا يكون والحال هذه قايساً، أو يقول: البر كالأرز في لذة الطعم فإنه لا يكون قايساً.

  وحكى شيخنا ¦ عن الشيخ أبي هاشم أنه قال: القياس حمل الشيء على الشيء، وإجراء حكمه عليه، قال شيخنا ¦: وهذا يصح إن أراد إجراء حكمه عليه للشبه الذي بينهما، ولكنه لم يصرح به، وإن لم يرد ذلك لم يصح.

  وحدّه قاضي القضاة بأنه حمل الشيء على الشيء في بعض أحكامه بضرب من الشبه.

  وحدّه الشيخ أبو الحسين بحدّين:

  أحدهما: أنه تحصيل حكم الأصل في الفرع لاشتباههما في علة الحكم عند المجتهد، وهذا الحد قريب مما ذكره قاضي القضاة إلا أنه يرد عليهما النقض لقياس العكس كما يقول القائل: لو لم يكن الصوم من شرط الإعتكاف لما لزم وإن نذر به، كما أن الصلاة لما لم تكن من شرط الإعتكاف لم تلزم، وإن نذر بها فالأصل هو الصلاة، والحكم نفى كونها شرطاً، فلم يثبت هذا الحكم في الصوم الذي هو أحد أصلي القياس، وإنما يثبت نقيضه، فهذا لم يحصل فيه حكم الأصل المفرع، وإنما حصل نقيضه، ولم يشتبها في علة الحكم بل تنافيا وهذا من القياس، فخرج عن الحدين المتقدمين، ومن حق الحد أن يكون جامعاً مانعاً لا يخرج عنه ما هو منه، ولا يدخل فيه ما ليس منه.

  وكان شيخنا ¦ يجيب عن ذلك: بأنه إذا كان المعقول من القياس قياس شيء على شيء، ولا يقيسه عليه إلا وقد اعتبر حكمه، ولا يعتبر حكمه إلا بالشبه