صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

فصل: في أقسام العلل الشرعية

صفحة 318 - الجزء 1

  الحكم به أولى [لأنه إذا⁣(⁣١)] لم يغلب في ظنه صحة العلة فلا يغلب في ظنه صحة الحكم، ولا يجوز العمل على ما هذا حاله عقلاً ولا شرعاً.

  وثالثها: أن تجمع الأمة والقايسون على تعليل أصل، ويختلفوا في تعليله فيبطل جميع ما يجعلونه علة فيه إلا علة واحدة، فإنا نعلم صحتها؛ لأنها لو فسدت لخرج الحق عن أقاويل الأمة، وهذه العلة التي يحصل العلم بها من طريق الإستنباط، فهذا هو الكلام في العلل المستنبطة.

  وغير الإستنباط: هو ما يتأتى من علل الأحكام عن النبي ÷ من طريق الآحاد، ولا يحصل لنا العلم بخبرهم بأن رسول الله ÷ نصّ على علّة الحكم أو أشار إليها أو نبه عليها، وكذلك ما أتانا عن الأمة بهذه الطريقة.

  وقد قسّم شيخنا ¦ الألفاظ المنبهة على علّة الحكم على أربعة أقسام، وجعل لكل قسم منها مثالاً:

  أحدها: أن يكون في الكلام لفظ غير صريح في التعليل يعلق الحكم بعلته [كتعليق⁣(⁣٢)] الحكم على علته بلفظ الفاء نحو قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}⁣[البقرة: ٢٨٢]، فإنه يدل على أن العلة في قيام وليه بالإملاء هو أنه لا يستطيع أن يملَّ هو.

  وثانيها: أن يعلم الحكم من النبي ÷ عند أن يصفه المحكوم عليه موصوفاً بصفة فنعلم أن تلك الصفة علة الحكم نحو أن يسأل النبي ÷ عن ذلك الحكم ويذكر صفة لذلك الشيء مما يجوز كونه علة مؤثرة في ذلك الحكم، فيجيب النبي ÷ عند سماعه بجواب، [نحو أن⁣(⁣٣)] يقول قائل: يا رسول الله: (أفطرت)، فيقول: «عليك الكفارة»، فيعلم أن الكفارة وجبت


(١) هناك في الأصل المصور إشارة لم تبن فأثبتنا هذه الزيادة ليستقيم الكلام.

(٢) هذه الكلمة من المعتمد نظراً لعدم وضوح الكلمة في الأصل.

(٣) هذه زيادة.