صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في أنه هل يجوز إثبات الأسامي بالقياس أم لا؟]

صفحة 334 - الجزء 1

  ومثاله: أن يعلم أنهم سموا غسل أعضاء مخصوصة على بعض الوجوه وضوءاً، فنجد على تلك الصفة والوجه غسلاً في مكان آخر فنسميه وضوءاً، ويجري عليه حكم الوضوء.

  فأما أبو العباس بن سريج فإن كان منع من إثبات الأحكام في الفروع بالعلل فذلك باطل؛ لأنّا قد بينا صحة إثبات الأحكام في الفروع بالعلل، بل ذلك هو الصحيح ألا ترى أنا نعلل تحريم الأرز بدليل أنه مكيل جنس ولا نعتبر ذلك بتسميته براً ولو اعتبرناه لما أفاد.

  وإن أراد أن العلل قد يتوصل بها إلى الأسامي في بعض المواضع ثم يتوصل بتلك الأسامي إلى الأحكام وتكون العلل شرعية والأسماء لغوية كما يقول أبو العباس: إني أُثبت اسم الزنا بوطي البهيمة بعلة أنه وطي غير مستباح، فوجب أن يسمى زنا كوطي الآدمية ثم أوجب الحد بالدلالة الشرعية، وهي قوله سبحانه: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}⁣[النور: ٢]، وأُثبت اسم الخمر المطبوخ المسكر بعلّة ما فيه من الشدة المطربة الموجبة للسكر، ثم أستدل على تحريمه بالنص الوارد بتحريم الخمر، وأثبت كون الشفعة تركة قياساً على سائر التركات ثم أستدل على كونه موروثاً بقوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ}⁣[النساء: ١٢].

  والذي يدل على بطلان ما ذهب إليه أبو العباس في هذه المسائل: ما قدمنا من أنه لا يجوز إثبات الأسامي اللغوية بالقياس إلا إذا علمنا أنهم قصدوا بذلك الاسم مسمى يختص بمعنى أو صفة، ثم وجدنا ذلك المعنى في غيره، فإنا نقيسه عليه.

  فأما إذا وجدناهم سموا مسمى لمعنى من المعاني إذا كان من قبيل مخصوص فلا يجوز القياس عليه، ألا ترى أنهم سموا ما اجتمع فيه البياض والسواد أبلق، إذا كان من جنس الخيل، فلا يجوز لنا تسمية الغراب الذي يجتمع فيه البياض والسواد أبلق، ولا الثور؛ فإذا كان ذلك كما ذكرنا لم يمتنع أن يسموا العصير التي دون المطبوخ خمراً دون المطبوخ، وكذلك لا يمتنع تسميتهم للوطي زنا إذا كان في حيوان مخصوص كالآدميين، وكذلك لا