مسألة: في تخصيص العلة
  وهو الصوم، دليله الوقوف بعرفة، فيقول الشافعي علتي علتك ودليلي دليلك، والذي يدل على أن الصوم غير واجب على المعتكف أنه وقوف في موضع مخصوص على وجه القربة فلم يكن من شرطه الصوم، دليله الوقوف بعرفه.
  واعلم أن كل قياس أدى الإستدلال به مع اعتبار علته وشرطه إلى نقيض حكمه الذي فرعه منه المستدل، أو إلى المنع من صحته فإنه يجب القضاء بفساد ذلك القياس غير أن ذلك لا يتأتى في القياس الصحيح أبداً، وإنما يتأتى هذا القلب في هذه المسائل؛ لأن عللها لن تعتبر صحتها بتأثيرها في الأحكام فأمكن أن تقلب.
  فأما في العلل التي تؤثر في الحكم فإنه لا يصح أن يثبت لها نقيض حكمها فيما يعلم على التفصيل.
  فأما فيما يعلم على الجملة فقد يمكن أن يفسر أحد الخصمين الجملة بنقيض ما يفسرها الخصم الآخر، كأن يقول الحنفي: الإعتكاف ليس في مكان مخصوص على وجه القربة فلا بد من اعتبار معنى ما يضم إليه هو الصيام دليله الوقوف بعرفة، فيقول الشافعي: الإعتكاف وقوف في موضع مخصوص على وجه القربة فلا بد من اعتبار معنى ما هو إليه دليله الوقوف بعرفة.
مسألة: في تخصيص العلة
  اعلم أن العلة قد يوجد معناها في فرع من دون حكمها، وقد يوجد لفظها ومعناها في فرع من دون حكمها، فالأول هو المعبر عنه بكسر العلة، وذلك كأن ترفع وصفاً من أوصاف العلة ظناً أنه لا تأثير لذلك الوصف، وأن الذي يجوز أن يؤثر في الحكم ما عداه ثم ينتقض ما عداه.
  مثاله: أن يعلل معلل وجوب صلاة الخوف بأنها صلاة يجب قضاؤها كصلاة الأمن، فيظن المعترض أنه لا تأثير لكون العبادة صلاة في هذا الحكم فيرفعه من أوصاف العلة، ثم ينتقض ذلك بصوم الحائض، فإنه يجب قضاؤه وليس بواجب وينبغي للمعلل إذا أراد أن