فصل: [في تعريف الخطاب]
  وعترته، وأمته، لو قُدِّر العلم بذلك، والإستنباط لا يخلو إما أن يكون له أصل معين، أو لا أصل له معين؛ فإن كان له أصل معين فهو القياس، وإن لم يكن له أصل معين فهو الإجتهاد؛ والمكلف لا يخلو إما أن يكون عالماً بهذه الجملة أو غير عالم، فإن كان عالماً بها فهو المفتي، وإن كان غير عالم فهو المستفتي، وما دخل تحت ما تقدم فحكمه ما قضى به، وما لم يدخل تحته بقي على حكم العقل، وهو المراد بالكلام في الحظر والإباحة.
فصل: [في تعريف الخطاب]
  واعلم أنه يجب أن نبدأ بذكر الخطاب وَحَدِّه ليتميز لنا عن غيره مما ذكرنا مشاركته له في هذا الفن، ونتمكن من الكلام في كيفية تقسيمه وترتيبه، وتفصيله وتبويبه؛ لأن جميع ذلك فرع على معرفته في نفسه بحدِّهِ وصفته.
  فنقول وبالله التوفيق: الخطاب: هو الكلام الذي يقصدُ به فاعلُه إفهامَ الغير غرضاً من الأغراض، وإنما قلنا هذا حده؛ لأنه يكشف عن معناه على جهة المطابقة، ويحصر فائدته حتى لا يدخل فيه ما ليس منه، ولا يخرج عنه ما هو منه، وذلك أمارة صحة الحد؛ ولأنه أيضاً يطرد وينعكس، وذلك دليل في صحة التحديد.
فصل: [في أقسام الخطاب]
  وهو ينقسم إلى: حقيقة ومجاز:
  فالحقيقة: كل لفظ إذا أطلق سبق إلى فهم السامع منه معنى واحد أو معنيان أو أكثر على وجه لا يوجب ترجيح بعضها.
  والمجاز: هو كل خطاب لا يراد به ما وضع له في أصل اللغة، فلا يسبق إلى فهم السامع عند إطلاقه معناه الذي استعير له إلا بقرينة.
  والقرائن ثلاث: عرفية وحالية وعقلية، وهذا هو مذهب الجمهور.
  وقد ذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز أن يكون في كلامه سبحانه مجاز، وذلك باطل؛ لأنا نعلم وجوده في كلامه سبحانه وذلك ظاهر في قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا