مسألة: [الكلام في المجتهد إذا تغير اجتهاده]
  حدوثها ثم سأل عنها، وهو ذاكر لطريقة اجتهاده فإن التكليف زائل عنه في تلك الحال - أعني تكليف الإجتهاد في تلك المسألة - فكذلك هذا.
  وإنما الكلام في الأحكام التي يقضي بها الميت قبل موته حكماً وفتوى فغير بعيد عندنا أن لا يطلق عليها اسم الفتوى، وإنما هي تنبيه على الحكم؛ لأن السنة الجارية بين المسلمين أنهم لا يسوغون للعامي الرجوع إلى الكتب للفتوى، وإنما يرجع إليها العالم للإستعانة بما فيها من الطرق المستحدثة والآثار المقرؤة، فإن وجد المستفتي من يرجع إليه في الفتوى ممن يصلح للفتوى، وجب عليه الرجوع إليه وسواء كان عليه في وصوله مؤنة أو لم يكن، ولا يجوز خلو الأعصار ممن يصلح للفتوى فيذكر الجواب عنه إن لم يوجد؛ فإن قدر ذلك وسأل عن الحكم لو كان، قلنا: يرجع إلى المعلوم في قضية العقل إن لم يعلم الحكم الشرعي ويجري مجرى العالم الذي تستوي عنده الأمارات كما قدمنا.
مسألة: [الكلام في المجتهد إذا تغير اجتهاده]
  وإذا أفتى المجتهد باجتهاده بعد توفية الإجتهاد شروطه ثم تغير اجتهاده لم يلزمه أن يعرف المستفتي تغير اجتهاده إذا كان المستفتي قد عمل به؛ لأن كل واحد منهما قد خرج مما يجب عليه، المفتي في فتواه والمستفتي في العمل بمقتضى فتواه، وإن لم يكن قد عمل به فينبغي أن يعرفه ذلك إن تمكن منه؛ لأن العامي إنما يعمل بالإجتهاد الأول؛ لأنه قول المفتي ومعلوم أنه ليس بقوله في تلك الحال إلا أنه لا يبعد عندنا القول بأنه يجب عليه أن يخبره بتغير اجتهاده سواء أمضى الحكم أو لم يمضه.
  أما في ما لم يمضه فلا كلام، وأما فيما أمضاه؛ فلأن لا يجري العامي ذلك الحكم على نظائره في المستقبل ولكن يعلمه أن ما أمضاه لا يجب نقضه.
مسألة: [الكلام في ما يجب على العامي في الفتوى]
  ويجب على العامي تبين الفتوى دون الوجه، وقد خالف في ذلك الجعفران وقوم من متكلمة البغدادية وقالوا: إنما يجب على العامي الرجوع إليه لينبهه على طريقة الإستدلال، فإن حصل له العلم أو الظن باستدلال نفسه ونظره وإلا لم يجز له العمل، وهذا خلاف قد