مسألة: [الكلام في الأمر هل يقتضي الوجوب أم لا؟]
  وحكى شيخنا عن الشيخ أبي الحسين البصري(١) أنه لا حكم للأمر بكونه أمراً فيحتاج إلى التعليل بما ذكره، بل المعقول من كونه أمراً أن الآمر أورد صيغة إفعل وغرضه أن يفعل المقولُ له الفعلَ، فكان شيخنا | يذهب إلى ذلك، ويقول: لا حكم للأمر لكونه أمراً فيعلل، بل يكفي في ذلك ورود صيغة إفعل على جهة الإستعلاء دون الخضوع، مع كون الآمر مريداً لحدوث المأمور به، وهو الذي نختاره.
  والدليل على ذلك: أن كل ما يرجع إلى الصيغة من كونها خطاباً، أو إلى محلها من كونه جسماً، أو إلى الآمر من كونه مُخاطِباً، أو إلى المأمور من كونه مُخاطَباً، ينتقض بالتهديد ولا يعقل من الأمر إلا ما ذكرنا فبطل ما رجعوا إليه من التعليل له بكونه أمراً وصحّ ما قلناه.
مسألة: [الكلام في الأمر هل يقتضي الوجوب أم لا؟]
  اختلف أهل العلم في الأمر هل يقتضي الإيجاب بظاهره، أو يقتضي كون المأمور به مراداً من جهة اللغة، أو مندوباً إليه إذا كان الأمر شرعاً؟
  فذهب أكثر الفقهاء(٢) إلى أنه يقتضي الوجوب بظاهره، وهو الذي حكاه السيد أبو طالب قدس الله روحه عن الشيخ أبي عبدالله(٣)، وهو الذي كان يذهب إليه أبو الحسن
(١) انظر المعتمد في أصول الفقه لأبي الحسين البصري (١/ ٤٩).
(١) أصحاب أبي حنيفة والشافعي، وأحد قولي أبي علي الأول منهما ثم رجع عنه إلى أنه يقتضي الندب كما يأتي عنه. المقنع الشافي (خ).
(٣) أبو عبدالله البصري هو: الحسين بن علي بن إبراهيم البصري، شيخ المعتزلة وإليه انتهت رئاسة أصحابه من الطبقة العاشرة، عرف بالشيخ المرشد.
ولد سنة (٣٠٨ هـ)، أخذ عن أبي علي بن خلاد أولاً ثم أخذ عن أبي هاشم حتى بلغ ما لم يبلغ أحد من أصحاب أبي هاشم، وكان فاضلاً متكلماً فقيهاً شديد التقزز في الطهارة زاهداً، وكان يقول بتفضيل أمير المؤمنين # ويميل إليه ميلاً عظيماً حتى ألف كتاب التفضيل، وأخذ عنه الإمام أبو عبدالله الداعي والسيد الإمام أبو طالب $، وتوفي سنة (٣٦٧ هـ).