مسألة: [الكلام في الأمر إذا قيد بشرط أو صفة هل يقتضي التكرار أم لا؟]
  فذهب جماعة إلى أنه يقتضي تكرر المأمور به، وهو اختيار الحاكم(١).
  وذهب قوم إلى أنه لايقتضي التكرار.
  وقال آخرون: بالوقف في ذلك، وحكاه شيخنا عن الشيخ أبي الحسين البصري.
  والظاهر من رأي شيخنا ¦ أن ذلك لا يفيد التكرار؛ واحتج لذلك بأنه لا يمتنع أن يدل على الشيء دليلان فأكثر، وبأن الخبر قد يتكرر، ولا يفيد تكرار المخبر عنه، كما ذلك في كتاب الله سبحانه وغيره.
  واحتج من قال بالأول: بأن كل واحد من الأمرين لو انفرد لأفاد مأموراً غير الأول، فإذا اجتمعا لم تتغير فائدتهما، وهذا له وجه.
(٣) قال الإمام يحيى بن المحسن الداعي # في المقنع: اعلم أن الأمر إذا ورد بعده أمر من غير حرف عطف فلا يخلوان؛ إما أن يكونا من جنس واحد، أو لا في جنس واحد.
فإن لم يكونا في جنس واحد فلا خلاف أن الثاني يقتضي خلاف ما يقتضيه الأول، مثاله: أن يقول الآمر: (صل ركعتين، صم يوماً).
وإن كانا في جنس واحد، فإما أن يكونا نكرتين، أو لا يكونا نكرتين بل كان الثاني معرفاً بالألف واللام وجب حملهما على مأمور واحد لأجل تعريف العهد، مثاله أن يقول: (صل ركعتين، صل الركعتين) ولهذا قال ابن عباس في قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٥ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٦}[الشرح]: (لن يغلب عسر يسرين)، وهذا مما لا يظهر فيه الخلاف.
وإن كانا نكرتين: فإما أن يصح التكرار في المأمور به أم لا؛ إن لم يصح التكرار في المأمور به حمل الأمر الثاني على التأكيد لما اقتضاه الأمر الأول بلا خلاف، مثاله: أن يقول القائل لغيره: (اقتل زيداً اقتل زيداً، اعتق فلاناً اعتق فلاناً).
وإن كان المأمور به مما يصح فيه التكرار، فإما أن يكون هناك قرينة أو لا يكون هناك قرينة وجب حمل الكلام على حسب ما تقتضيه القرينة بلا خلاف، وإن لم يكن هناك قرينة فهذا النوع هو الذي ينبغي حصول الخلاف فيه) انتهى.
(١) وقاضي القضاة وكثير من المتكلمين. تمت مقنع.