صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[معنى العموم]

صفحة 76 - الجزء 1

الكلام في العموم والخصوص

[معنى العموم]

  معنى قولنا في الكلام إنه عام: أنه يستغرق جميع ما يصح له.

  ومعنى وصفنا للخصوص بذلك: أنه يتناول شيئاً مخصوصاً دون غيره مما كان يصح أن يتناوله.

  وحقيقة العموم في القول، واستعمال لفظه في المعاني كقولهم: عمهم البلاء، وعمهم المطر، إذا دخل الكل تحت أحد الأمرين، فقد رأيت أن فائدة العموم عندهم هو الإستغراق وإن كانت لفظة عمهم لا تَطَّردُ في كل شيء فلا يقال: عمهم الأكل، والشرب، ولا النكاح، فقد تم غرضنا بأن معنى العموم عند أهل اللغة: هو الإستغراق والشمول؛ فإذا قد فهمت معنى العموم رجعنا إلى تعيين ألفاظ العموم.

[ألفاظ العموم]

  وألفاظ العموم: (مَنْ): للعقلاء إذا وقعت نكرة في المجازات والاستفهام، و (مَا): فيما لا يعقل، و (أين): في المكان، و (ما الظرفية): في الزمان كقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ}⁣[هود: ١٠٧]، وكذلك (متى) و (متى ما) في الزمان، و (حيث) و (حيثما): في المكان أيضاً، و (ما): في النفي إذا دخلت على النكرات و (أسماء الأجناس) إذا دخلها الألف واللام، ولم يرد بها معهوداً كقولك: الإنسان والرجل / و (الأسماء المشتقة من الأفعال) كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ}⁣[المائدة: ٣٨]، وقد وقع الخلاف في هذين النوعين خاصة، فعند أبي علي والمبرد⁣(⁣١) أنهما من ألفاظ


(١) محمد بن يزيد بن عبدالأكبر بن عمير بن حسان الثمالي الأزدي البصري، المعروف بالمبرد، النحوي، نزيل بغداد، كان إماماً في النحو واللغة، وله التآليف النافعة في الأدب، أخذ عن أبي عثمان المازني، وعن أبي حاتم السجستاني وأخذ عنه نفطويه والزجاج، وكان معاصراً لأبي العباس ثعلب. ولد المبرد سنة (٢٢٠ هـ)، وتوفي سنة (٢٨٦ هـ)، عده المنصور بالله في الشافي من القائلين بالعدل والتوحيد. قال في الجداول: وعداده في الشيعة.