صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في التخصيص بالعقل وتخصيص الكتاب بالكتاب]

صفحة 87 - الجزء 1

  فمنهم من قال يجب حمل المطلق على المقيد من غير رجوع إلى دليل من قياس وغيره بل يكون تقييد أحدهما تقييداً للآخر، وحكاه شيخنا ¦ عن جماعة من الشافعية.

  ومنهم من منع من حمل المطلق على المقيد فيما هذا حاله، وحكاه عن أصحاب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي.

  ثم اختلفوا فمنهم من منع من حمل المطلق على المقيد بالقياس وهو المروي عن أبي الحسين ومتقدمي الحنفية، وكان يقول إنه زيادة في الحكم، والزيادة في الحكم نسخ، والنسخ بالقياس لا يجوز، على ما يأتي بيانه في بيان الناسخ والمنسوخ إن شاء الله تعالى.

  ومنهم من قال: يجوز أن يقيد بالقياس وهو مذهب أصحابنا ومذهب معظم الحنفية والشافعية.

  ومذهبنا أن المطلق المنفصل عن المقيد إذا كانا في حكمين مختلفين، وهما من جنس واحد، وجمعتهما علة توجب الإشتراك، وجب حمل المطلق على المقيد بالقياس، وإن لم تجمعهما علة لم يجز حمل أحدهما على الآخر بالقياس.

  والذي يدل على صحة ما قلناه: أن القياس دليل شرعي على ما يأتي بيانه وتخصيص العموم بالأدلة جائز لا خلاف فيه.

  وإن لم تجمعهما علة وهما جنس وورد دليل على وجوب الحمل جاز؛ لأن اتباع الدليل واجب وإن لم يرد دليل لم يحمل أحدهما على الآخر؛ لأنه يكون خلافاً لظاهر الأمر، وذلك لا يجوز كما قدمناه في باب الأوامر.

  وما ذهب إليه الشيخ أبو الحسين وأصحابه من أن الزيادة في النص نسخ، غير مسلم على الإطلاق وسيأتي الكلام فيه فيما بعد إن شاء الله تعالى.

مسألة: [الكلام في التخصيص بالعقل وتخصيص الكتاب بالكتاب]

  عندنا أن تخصيص العموم بدلالة العقل جائز، وقد خالف في ذلك بعضهم.