صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في تخصيص السنة بالسنة]

صفحة 90 - الجزء 1

  ومنهم من يذهب إلى أن العام إذا كان سليماً من التخصيص أو مخصوصاً بالإستثناء فإنه لا يجوز، وإن كان مخصوصاً بدليل منفصل جاز، وحكاه شيخنا | عن عيسى بن أبان.

  وعندنا أن العام إن كان مما يجب المصير فيه إلى العلم لم يجز تخصيصه بخبر الواحد؛ لأنه لا يجوز ترك المعلوم إلى المظنون كما نقوله في عموم آيات الوعيد لا يجوز خصوصها بخبر الواحد لأن المصير في ذلك إلى العلم واجب كما هو مقرر في مواضعه من أصول الدين.

  فإن كان مما لا يجب المصير فيه إلى العلم بل يجب العمل فيه على الظن جاز تخصيصه بخبر الواحد؛ كأن يكون العام من باب المعاملات والعبادات الشرعية لاستواء وجوب العمل في البابين جميعاً على العلم والظن.

  والذي يدل على صحة ما اخترناه: إجماع الصحابة على تخصيص ما هذا حاله بخبر الواحد، وإجماعهم حجة على ما يأتي بيانه.

  أما أنهم أجمعوا على ذلك: فالمعلوم من حالهم لمن عرف أخبارهم، وتتبع سيرهم وآثارهم، أنهم كانوا يجيزون تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد، كما فعله عمر⁣(⁣١) بمحضر منهم لما افتتح بلاد المجوس فقال: ما أصنع بقوم لا كتاب لهم، رحم الله امرءاً سمع من رسول الله ÷ فيهم شيئاً إلا قاله، فقال عبدالرحمن⁣(⁣٢):


(١) عمر بن الخطاب، أبو حفص القرشي، أسلم بعد خروج مهاجرة الحبشة على يدي أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد في قصة طويلة. إلى قوله #: بويع له بالخلافة صبيحة وفاة أبي بكر، وطعنه أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة فتوفي لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين. انظر لوامع الأنوار (ط ٢ - ٣/ ١٦٣).

(٢) عبدالرحمن بن عوف، أبو محمد القرشي الزهري، أسلم قديماً وهاجر وشهد المشاهد، توفي سنة إحدى أو ثلاث وثلاثين ودفن بالبقيع. عنه: بنوه؛ إبراهيم، ومحمد، ومصعب، وأبو سلمة. أخرج له أئمتنا الثلاثة المؤيد بالله وأبو طالب والمرشد بالله، والجماعة.

=