مسألة: [الكلام في العموم هل يخص بفعل النبي ÷ أم لا؟]
  فمنهم من قال: لا يخص العموم بفعله عليه وآله السلام وهو المحكي عن أكثر الحنفية وبعض الشافعية والشيخ أبي الحسين.
  ومنهم: من ذهب إلى أنه يخص به وهو المحكي عن أكثر أصحاب الشافعي وبعض المتكلّمين وهو الذي كان شيخنا | يرجحه.
  واختيارنا هو الأول، وكان شيخنا | يحتج لاختياره بأن فعله # يجب اتباعه كقوله، فإذا لم يمكن اتباعه إلا بتخصيص القول وجب ذلك كالكتاب بالكتاب، ثم يفرِّع الدلالة على هذا.
  والذي يدل على صحة القول الأول: أن القول والفعل إذا تنافيا - وقد ثبت(١) - تعدى القول إلينا بنفسه ووجوب كون الفعل مقصوراً عليه لاختلاف المصالح عقلاً وشرعاً إلا فيما خصه دليل.
  أما العقل: فذلك ظاهر لأنه لا يمتنع أن يعلم سبحانه من حال بعض المكلفين ما لا يعلم من الأخير فيتعبده بحسب ما يعلم، وموضع الإتساع في هذا الباب أصول الدين من علم الكلام.
  وأما دلالة الشرع: فظاهر قوله ÷ يدل على ذلك، وهو تخصيصه لما علم أن المصلحة فيه واحدة بإيجاب اتباعه فيه بالخطاب وذلك في مثل قوله ÷: «صلّوا كما رأيتموني أصلي(٢)» وقوله: «خذوا عني
(١) أي التنافي، تمت.
(٢) رواه الإمام المؤيد بالله في شرح التجريد والإمام المتوكل على الله في أصول الأحكام، والأمير الحسين في الشفاء، وأخرجه البخاري (١/ ٢٢٦) رقم (٦٠٢)، وأخرجه في الأدب المفرد (١/ ٨٤) رقم (٢١٣)، والدارقطني (١/ ٢٧٢)، وابن حبان في صحيحه (٤/ ٥٤١) رقم (١٦٥٨)، وابن خزيمة (١/ ٢٩٥) رقم (٥٨٦)، والدارمي (١/ ٣١٨) رقم (١٢٥٣)، والطبراني في الكبير (١/ ٣٨٨) رقم (٦٣٧) وغيرهم.