فصل: [الكلام في أن العموم لا يقصر على سببه]
  أبي عبدالله، وهو اختيار أهل علم الكلام أنه يجب حمله على ظاهره، وإجراء حكمه على مقتضاه دون قصره على سببه.
  ومنهم من يذهب إلى أنه يجب قصره على سببه، وحكاه شيخنا | عن بعض أصحاب الشافعي.
  ولا خلاف أن السبب إن كان سؤالاً عن الحكم على وجه العموم، فإنه لا يقصر على سببه كسؤالهم له ÷ عن البحر؟
  فقال: «هو الطهور ماؤه، والحلّ ميتته(١)»، وإنما يتعين الخلاف في السبب الواقع، ثم يقضي فيه ÷ هل يقصر عليه أم لا؟ مثل: ما روي أنه سئل ÷ عن رجل اشترى عبداً فاستغَلَّه ثم ظهر به عيب فرده، فسأل عن الغَلَّة، فقال: «الخراج بالضمان(٢)» فمذهبنا هو الأول.
  والذي يدل على صحته: أن الحجة هو الخطاب دون السبب، بدليل أن السبب لا يفيد حكماً تقدم أو تأخر، وأن الخطاب يفيد الحكم قبل السبب وبعده فقصر الحكم على السبب يؤدي إلى إلغاء حكم الخطاب، وذلك لا يجوز، ولأن المعلوم من حال المسلمين تعرف قضايا الأحكام من إطلاقه عليه وآله السلام في حوادث الأسباب كالمواريث وغيرها.
(١) أخرجه الإمام أحمد بن سليمان @ في أصول الأحكام (خ) في كتاب الطهارة باب المياة، والحاكم في المستدرك (١/ ١٤٢، ١٤٣)، والدارقطني في السنن (١/ ٣٥) رقم (٦)، ومالك في الموطأ (١/ ٢٢) رقم (١٢)، وأبو داود في السنن (١/ ٢١) رقم (٨٣)، والترمذي في السنن (١/ ١٠٠، ١٠١) رقم (٦٩)، والنسائي في السنن (١/ ٥٠) رقم (٥٩)، والشافعي في المسند (٧) في باب ما خرج من كتاب الوضوء، وأحمد في المسند (٢/ ٣٦١)، والبخاري في تاريخه (٣/ ٤٧٨) رقم (١٥٩٩)، وابن خزيمة في الصحيح (١/ ٥٩) رقم (١١١)، وابن ماجه في السنن (١/ ١٣٦) رقم (٣٨٦)، وابن حبان في الصحيح (٤/ ٤٩) رقم (١٢٤٣)، وابن الجارود في المنتقى (٢٣) رقم (٤٣)، والطبراني في الكبير (٢/ ١٧٦) رقم (١٧٥٩).
(٢) رواه الإمام أحمد بن سليمان في أصول الأحكام، والأمير الحسين في الشفاء.