حكاية سليمان # والنملة
  خف حمله خف ظهره، قال: اطلبي مني حاجة، قالت: أنت عاجز والطلب منك غير جائز، قال: لا بد من الطلب، قالت زد في رزقي وفي عمري، قال اطلبي شيئاً يكون في يدي، قالت: إن الله تعالى يقضي حوائج المحتاجين، قال: ما اسمك؟ قالت: اسمي منذرة أنذر أصحابي عن الدنيا الساحرة، وأرغبهم في الآخرة، ثم قالت: يا سليمان ما أفضل وما أفخر ما أوتيت في ملكك؟ قال: الخاتم لأنه من الجنة، قالت أتعلم معناه؟ قال: لا، قالت: معناه الذي أعطيناك من الدنيا في يدك بقدر فص هذا الخاتم، ثم قالت: هل غير هذا؟ قال: نعم بساطي، وهو من الجنة يمر على ظهر الريح، قالت له: أتعلم معناه؟ قال: لا، قالت: هذا تنبيه على أن جميع ما معك كمثل الريح، اليوم معك وغداً يزول عنك، قال لها: فإن غدوها شهر ورواحها شهر قالت: فيه إشارة إلى أن عمرك يطير وأنت مستعجل في السير، فزاد عجب سليمان # ثم قالت له: يا سليمان هل غير هذا؟ قال: نعم قد علمني ربي منطق الطير، قالت له: قد اشتغلت عن مناجاة الله بمناجاة الغير؟ ثم قالت له: هل غير هذا؟ قال: نعم أَخْدَمَني الإنس والجن، قالت: فيه إشارة إلى أن الخالق يقول لك: إن الخلق قد اشتغل بخدمتك فاشتغل أنت بخدمتي، ثم قالت له: هل غير هذا؟ قال: نعم إني أستأنس بفص الخاتم؛ لأن عليه اسم الله تعالى قالت: إذا أنت استأنست بالمسمى يغنيك عن الاسم. فعندها عجب سليمان # من النملة ومن كلامها، وقد تحقق أن ملكه في ملك الله تعالى لا يساوي خردلة، فودعها وعادت إلى حال سبيلها وعاد وهو متعجب.
  فانظر يا أخي رحمك الله إلى حكمة مولاك؛ لأنه يؤدب أولياءه وأنبياءه بأضعف خلقه.