طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية صاحب شرطة بغداد واللصوص والملاح

صفحة 398 - الجزء 1

حكاية صاحب شرطة بغداد واللصوص والملاح

  عن محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخي قال: حدثني صاحب الربع بباب الشام وأسماه لي، قال: كنت أعمل في أصحاب الشرط مع أبي الحسن الأبزاعجّي صاحب شرطة بغداد، فأخرج لصوصاً من الحبس واستأذن معز الدولة في صلبهم وقتلهم عند الجسر، فأذن في صلبهم عشياً وكانوا عشرين رجلاً، ووكل بهم جماعة كنت فيهم والرئيس علينا فلان. وقال: كونوا عند خشبهم بقية يومكم وليلتكم حتى إذا كان من غد ضربتم أعناقهم هنا. وقضينا الليل نوماً فثقل رئيسنا في نومه وجماعتنا فاحتال بعض اللصوص في أن قطع الحبل ونزل من الخشبة فما انتبهنا إلا بصوت وَقْعِهِ وعَدْوِهِ، فعدا رئيسنا خلفه وأنا معه فما لحقناه وخفنا أن يتشوش الرجال الباقون فيفلت إنسان آخر فرجعنا مسرعين وجلسنا مغمومين مفكرين ماذا نعمل. فقال رئيسنا: إن الأبزاعجّي لا يقيل لي عثرة ولا يقبل مني عذراً ويقع له أنني قد أخذت من أحد اللصوص مالاً وأفلته فيضربني للتقرير فلا أقر فيقع له أنني أتجلد عليه فيمر الضرب علي إلى أن أتلف فما الرأي؟ فقلت: تهرب، قال: فمن أين أعيش؟ فقلت: هذا نصف الليل ولم يعلم بما جرى أحد فقم حتى نطوف فلا يخلو أن يقع في أيدينا مشؤوم قد حانت منيته فنوثقه ونصلبه ونقول له: سلمت إلينا عشرين رجلاً فإنه ما أثبت حلاهم (يعني ما يرى من لونه ظاهر وهيأته) فقال: هو صواب. فقمنا نطوف وسلكنا طريق الجسر لنعبر إلى الجانب الغربي فرأينا في أسفل كرسي الجسر رجلاً يبول فعدلنا إليه فقبضنا عليه فصاح: يا قوم ما لكم؟ أنا رجل ملّاح صعدت من