طرائف من (تيسير المطالب)
طرائف من (تيسير المطالب)
  للسيد الإمام أبي طالب بسنده عن الحسن البصري قال: كنت جالساً بالبصرة وأنا حينئذٍ غلام أتطهر للصلاة، إذ مر بي رجل راكباً بغلة شهباء، متلثم بعمامة سوداء، فقال لي: يا حسن أحسن وضوءك يحسن الله إليك في الدنيا والآخرة، يا حسن أما علمت أن الصلاة مكيال وميزان، قال: فرفعت رأسي فتأملت فإذا هو علي بن أبي طالب #، فأسرعت في طهوري وجعلت أقفو أثره إذ حانت منه التفاتة، فقال لي: يا غلام ألك حاجة؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين تفيدني كلاماً ينفعني الله به في الدنيا والآخرة، قال: يا غلام إنه من صدق الله نجا ومن أشفق من ذنبه أمن الردى، ومن زهد في هذه الدنيا قرت عيناه بما يرى من ثواب الله غداً، ثم قال: يا غلام ألا أزيدك؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين، قال: إن سرك أن تلقى الله وهو عنك راضٍ فكن في هذه الدنيا زاهداً وفي الآخرة راغباً، وعليك بالصدق في جميع أمورك تنجح مع الناجين غداً، يا غلام إن تزرع هذا الكلام نصب عينيك ينفعك الله به، ثم أطلق عنان البغلة عن يده وفرص بطنها بعقبه، فجعلت أقفو أثره إذ دخل سوقاً من أسواق البصرة فسمعته # يقول: يا أهل البصرة، يا أهل البصرة، يا أهل المؤتفكة، يا أهل تدمر - أربعاً - إذا كنتم بالنهار الدنيا تخدمون، وبالليل على فراشكم تتقلبون، وفي خلال ذلك عن الآخرة تغفلون، فمتى تزوّدون الزاد؟ ومتى تفكرون في المعاد؟ فقام إليه رجل من السوقة فقال: يا أمير المؤمنين، إنه لا بد من طلب المعاش، فقال: أيها الرجل، إن طلب المعاش لا يصدك عن طلب الآخرة، ألا قلت: لا بد من طلب، فأعذرك إن كنت معذوراً، فتولى الرجل وهو يبكي فسمعته # يقول: أقبل عليَّ يا ذا الرجل