طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية العجوز والفتاة

صفحة 80 - الجزء 1

حكاية العجوز والفتاة

  وما يقارب هذه الحكاية ماروي أن قاضياً بصنعاء اليمن بالقرن السابع مشهور بالعدل والصلاح وشدة الغيرة على أهله، وكان له ابنة ذات حسن وجمال، علمها القرآن وعلمها من فنون العلم والأدب، خطبها كثير من أهل الجاه والثراء فكانت ترفضهم ولا ترضى بالزواج من أحد منهم، وكان لا يدخل عليها وعلى أهلها أحد من الجيران إلا من يثق بهم من أهل التقوى والاستقامة والصلاح، وكانت عجوز تتردد عليهم من حين لآخر؛ تقول: إنَّها صائمة النهار قائمة الليل لا تفتر من ذكر الله تعالى، فكانت تغشاهم فيرحب بها القاضي ويرحب بها أهله، فلا ترى إلا في ذكر، وذات يوم انفردت بالبنت وقالت لها: يا بنتي كم هذا الرفض من الأزواج وأنت من بنات المناصب العالية وقد خطبك الكثير من الرجال الأكفاء من الأثرياء وأهل الدنيا الواسعة، ومن العلماء والفضلاء، فأجابتها لولا أنك محبوبة لدينا وأبي وأمي، وإخواني يحترمونك لفضلك وصلاحك ما كلمتك أنا لا أتزوج إلا من رجل تطمئن له نفسي ويرغب إليه قلبي، وأبي وأمي لا يجبرونني على شيء لا أرغبه ولا أريده، فقالت العجوز: بارك الله فيك ومتعك بأبيك هذا التقي، وأمك الطيبة، ولكن لو خرجت عند الجيران مع أمك لترتاحي وتقلبي الجو من وحشة الوحدة والقراءة والكتب، وعمل البيت، وفي المثل ساعة لربي وساعة لقلبي، فقالت الفتاة: إن أبي غير آذنٍ لي بالخروج وأمي لا تخالف له رأياً، فقالت العجوز: بارك الله فيك أيتها الصبية المباركة ذات الجمال الفائق، ولكني من قد علمت