بعض صفات أمير المؤمنين #
بعض صفات أمير المؤمنين #
  من (الروضة الندية شرح التحفة العلوية) للأمير الصنعاني، نقلاً عن ابن عبد البر وصاحب (الصفوة) عن ضرار الصدائى(١) أنَّ معاوية قال له: صف لي علياً قال: اعفني، قال: لتصفنه لي، قال: أما إذا لا بد من وصفه فكان والله بعيد المدى شديد القوى، يقول فصلاً، ويحكم عدلاً، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويأنس بالليل ووحشته، وكان والله غزير العبرة طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن، كان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا استنبأناه، ونحن والله مع تقريبه إيانا، وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له، يعظم أهل الدين، ويقرب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، وأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه قابضاً على لحيته يتململ تململ الأليم(٢)، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا غري غيري، إلي تعرضت أم إلي تشوقت؟ هيهات هيهات قد باينتك ثلاثاً لا رجعة فيها، فعمرك قصير، وخطرك حقير، آهٍ آهٍ من قلة الزاد وبعد السفر، ووحشة الطريق، فبكى معاوية، وقال: رحم الله أبا الحسن، كان والله كذلك، كيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزن من ذبح واحدها في حجرها.
(١) لعله الضبابي أو الضابي كما في النهج.
(٢) في النهج السليم أي الملدوغ.