طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية العافية العافية

صفحة 182 - الجزء 1

  فقال ÷: «هذا الذي أردت».

  وفي بعض حقائق الشكر عن الجنيد ¦: الشكر أن لا ترى نفسك أهلاً للنعمة، ولعلنا قد أخذنا من هذه الحقيقة بنصيب.

  ما من عبد أمعن النظر في أحواله إلا رأى من الله نعماً كبيرة تخصه لا يشاركه فيها الناس كافة. وقد ورد في الأثر: إن حياء العبد من تتابع نعم الله عليه، ومعرفته بتقصيره عن الشكر شكر، والاعتذار من قلة الشكر شكر، والاعتراف أن النعمة ابتداءً من الله من غير استحقاق شكر، وحسن التواضع بالنعم والتذلل فيها شكر، وعلى الجملة فأحوالنا ضعيفة، ونفوسنا مهينة، وأمورنا مشوبة عيباً وحكماً، إذ قلوبنا مزابل الشهوات، وملاعب الشيطان، فالله المستعان والله المستعان.

حكاية العافية العافية

  عن بعض الصالحين أنه كان يقول كثيراً: العافية العافية فسئل عن ذلك، فقال: كنت حمالاً فحملت يوماً دقيقاً، ثم وضعته لأستريح وكنت أقول: يا رب لو أعطيتني رغيفين بلا تعب، فرأيت رجلين يتخاصمان فأردت الخلاص بينهما، فضرب أحدهما صاحبه فأصاب وجهي، فأخذنا السلطان وجعلنا في السجن، وظن أنا في الخصومة سواء، فبقيت في السجن مدة، كل يوم أوتى برغيفين، فرأيت في النوم قائلاً يقول: أنت طلبت كل يوم رغيفين بلا تعب ولم تطلب العافية؛ فاستيقظت وأنا أقول العافية العافية، فجاءني شخص فأخرجني من السجن.