طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

في الدنيا وعلاماتها

صفحة 171 - الجزء 1

  في وقت كذا فيراودني عن نفسي فيحفظني الله تعالى منه، فقال: اجعليني في مكانٍ أراه ولا يراني، ففعلت وأخفته بين الأشجار، فلما خرج الجني من البحر ورآه قرأ الآية فالتهب ناراً ففرحت المرأة بذلك، ثم أخذت المرأة بيد الرجل إلى كهف فيه من الجواهر واللؤلؤ شيء كثير، فمرت بهما سفينة فأشار إليها فقصدهما أهلها، وأخذ كل واحد من الجواهر واللؤلؤ ما لا يعلمه إلا الله تعالى، واستغنيا بقيمته في حياتهما واستعانا به على عبادة الله تعالى وتزوجها.

في الدنيا وعلاماتها

  من علامات كون الدنيا في القلب البخل بها، لأن إخراج المحبوب عن القلب عسير، ومن علامات كونها في اليد فقط بذلها والجود بها، فإن قيل نبي الله محمد ÷ أورع الخلق فكيف قال: «حبب إلي من دنياكم ثلاث الطيب، والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة» فالجواب أن هذه الثلاثة وإن كانت اثنتان منها من الدنيا، صورة وليست حقيقة؛ لأن المذموم في الدنيا هو الزائد على قدر الكفاية، وأما ما لابد منه من مسكن وخادم وزوجة وقوت فليس من الدنيا المذمومة. وجواب آخر أنه ÷ كان مشرعاً فحبب الله تعالى إليه هذه الثلاثة لتكون شريعته متبعة إلى يوم القيامة، لأن حب الطيب يزيد في العقل، وبقدر العقل يقوى الدين، والنساء سبب العفة وكثرة النسل، وبكثرة العيال تكثر العباد، وبكثرة العباد تكثر العبادة، وما أرسل الله تعالى نبياً إلا تزوج حتى يحيى # تزوج أيضاً ولم يأتها لأنه أخبر أنه حصور، وأما عيسى فإنه قيل: إنه يتزوج بعد نزوله وقيل: أراد بالطيب قلب أويس القرني - رضي الله تعالى عنه - فإنه احترق بنيران محبة الرسول ÷