طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية عن أبي يزيد البسطامي

صفحة 231 - الجزء 1

  لأهل النار من غضب الجبار، وأما سؤالكم عما يقول الفرس في صهيله فهو يقول: سبحان حافظي إذا التقت الأبطال، واشتغلت الرجال بالرجال، وأما سؤالكم عما يقول البعير في رغائه فإنه يقول: حسبي الله وكفى بالله وكيلاً، وأما سؤالكم عما يقول البلبل في تغريده فإنه يقول: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ١٧}⁣[الروم]، وأما سؤالكم عما يقول الضفدع في تسبيحه فإنه يقول: سبحان المعبود في البراري والقفار، سبحان الملك الجبار، وأما سؤالكم عما يقول الناقوس في نقيره فإنه يقول: سبحان الله حقاً حقاً، انظر يابن آدم في هذه الدنيا غرباً وشرقاً ما ترى فيها أحداً يبقى، وأما سؤالكم عن قوم أوحى الله إليهم لا من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة فهو النحل، لقوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}⁣[النحل: ٦٨] الآية، وأما سؤالكم عن الليل أين يكون إذا جاء النهار، وعن النهار أين يكون إذا جاء الليل، فإنهما يكونان في غامض علم الله تعالى.

  ثم قال أبو يزيد: هل بقي معكم مسائل غير ذلك؟ فقالوا: لا فقال: أخبروني عن مفتاح الجنة ومفتاح السموات ما هو؟ قال: فسكتوا ولم يتكلموا، فقال أبو يزيد: سألتموني عن مسائل كثيرة فأجبت عنها، وقد سألتكم عن مسألة واحدة فلم تجيبوا عنها، فقالوا: نعم، ثم التفتوا إلى كبيرهم وقالوا: أعجزت عن ذلك؟ فقال: ما عجزت ولكن أخاف أن لا توافقوني، فقالوا: بل نوافقك فإنك كبيرنا، ومهما قلت لنا سمعناك ووافقناك عليه، فقال: مفتاح الجنة والسموات لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقالوها وأسلموا عن آخرهم، وحسن إسلامهم، وخرجوا من الدير وخربوه وبنوه مسجداً، وقطعوا، زنانيرهم، فهنالك نودي أبو يزيد: شددت من أجلنا زناراً فقطعنا من أجلك خمسمائة زنار.