حكاية شقيق البلخي مع الإمام موسى الكاظم #
حكاية شقيق البلخي مع الإمام موسى الكاظم #
  من (نور الأبصار) قال حسام بن حاتم الأصم: قال لي شقيق البلخي: خرجت حاجاً سنة ست وأربعين ومائة فنزلت بالقادسية، فبينما أنا أنظر إلى الناس في مخرجهم إلى الحج وزينتهم وكثرتهم إذ نظرت إلى شاب حسن الوجه، شديد السمرة، نحيف، فوق ثيابه ثوب صوف، مشتمل بشملة، وفي رجليه نعلان، وقد جلس منفرداً، فقلت في نفسي هذا الفتى من الصوفية يريد أن يخرج مع الناس فيكون كلاً عليهم في طريقهم، والله لأمضين إليه ولأوبخنه، فدنوت منه، فلما رآني مقبلاً نحوه قال: يا شقيق اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم، ثم تركني وولى، فقلت في نفسي: إن هذا الأمر عجيب، تكلم بما في خاطري، ونطق باسمي، هذا عبد صالح لألحقنه ولأسألنه الدعاء، وأتحلله بما ظننت فيه، فغاب عني ولم أره، فلما نزلنا وادي فضة فإذا هو قائم يصلي، فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه وأستحله، فصبرت حتى فرغ من صلاته، فالتفت إليَّ وقال: يا شقيق، اتل: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ٨٢}[طه] ثم قام ومضى وتركني، فقلت: هذا الفتى من الأبدال، قد تكلم على سري مرتين، فلما نزلنا بالأبواء إذا أنا بالفتى قائم على البئر، وأنا أنظر إليه وبيده ركوة فيها ماء، فسقطت من يده في البئر، فرمق إلى السماء بطرفه وسمعته يقول:
  أنت شربي إذا ظمئت من الما ... ء وقوتي إذا أردت طعاما
  ثم قال: إلهي وسيدي ومولاي ما لي سواك فلا تعدمنيها، فوالله لقد رأيت الماء قد ارتفع إلى رأس البئر والركوة طافية عليه، فمد يده فأخذها فتوضأ منها وصلي أربع ركعات، ثم مال إلي كثيب رمل فجعل يقبض بيديه ويجعل في