طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

صورة مما كان عليه الصحابة من الصبر والجهاد

صفحة 371 - الجزء 1

  إلى النصرانية فكان أشد إباءً لها من قبل. فلما يئس منه أمر به أن يلقى في القدر التي ألقي فيها صاحباه فلما ذُهب به دمعت عيناه، فقال رجال قيصر لملكهم: إنه قد بكي، فظن أنه قد جزع وقال: ردوه إلي، فلما مثل بين يديه عرض عليه النصرانية فأباها. فقال: ويحك فما الذي أبكاك إذاً؟!.

  قال: أبكاني أني قلت في نفسي تلقى الآن في هذا القدر فتذهب نفسك، وقد كنت أشتهي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من شعر أنفس فتلقى كلها في هذا القدر فى سبيل الله.

  فقال الطاغية: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك؟ فقال له عبد الله: وعن جميع أُسارى المسلمين أيضاً؟ قال: وعن جميع أسارى المسلمين أيضا. قال عبد الله: فقلت في نفسي: عدو من أعداء الله أقبل رأسه فيخلي عني وعن أسارى المسلمين جميعاً لا ضير في ذلك علي. ثم دنا منه وقبّل رأسه، فأمر ملك الروم أن يجمعوا له أسارى المسلمين وأن يدفعوهم إليه فدُفعوا إليه.

  قدم عبدالله بن حذافة على عمر بن الخطاب وأخبره الخبر فسر به أعظم السرور ولما نظر إلى الأسرى قال: حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبدالله بن حذافة ... وأنا أبدأ بذلك ثم قام وقبل رأسه ... فأين نحن أيها المسلمون من هؤلاء؟! يا حسرتا على ما فرطنا في جنب الله.