طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

عجيبة من سيرة الزاهدين عن الولاية

صفحة 383 - الجزء 1

  إلا بما فعل بنا، وإن لنا منزلة في الجنة لم نبلغها إلا بما نحن فيه فإن شئت أن أدعو الله تعالى أن يقصر بنا عن منزلتنا في الجنة ويقصر به عن منزلته في النار فعلت، فقال: لا. فصبروا واحتسبوا حتى استشهدوا جميعاً رضوان الله عليهم.

عجيبة من سيرة الزاهدين عن الولاية

  لما توفي الإمام المهدي علي بن محمد رضوان الله عليه اضطرب الناس بعده وصار ولده الناصر صلاح الدين إلى ظفار للاجتماع والنظر فيمن يصلح للقيام، وكان علماء الظاهر لا يعدلون عن السيد صلاح الدين إلا إلى السيد العلامة عبد الله بن محمد بن الإمام يحيى بن حمزة، ويقولون: لا يصلح لهذا الأمر سواه، لما يتحلى به من العلم والحلم، والورع والنبل والشجاعة والتدبير وحسن التصرف.

  فلما فهم ذلك اعتذر من المسير إلى ظفار مع ولده وأعمامه ومن معهم من هجرة حوث من العلماء والفضلاء، فاعتذر فلم يعذروه، وهو يتنصل من ذلك الأمر من حمل مسئولية الأمة فصار معهم وهو يتأوه ويتضرع إلى الله - سبحانه وتعالى - أن يجعل له مخرجاً ويقول: اللهم خر لي في هذه السيرة.

  وأمسوا تلك الليلة في محل الكساد من بلاد مرهبة، وكان طيلة الليل في تضرع وابتهال إلى الله - تعالى - أن يصرف عنه هذا الأمر ويجعل له مخرجاً منه.

  فحدث له في آخر الليل ألم في بطنه منعه عن القيام والقعود، فلما صلوا الفجر جميعاً حملوه في شقدف وردوه إلى حوث، وتوفي في تلك الليلة بعد صلاة العشاء وعمره دون الثلاثين سنة، وشوهد وهو يحمد الله - تعالى - ويشكره على استجابة دعائه وتعجيل فرجه فتعجب الناس من علماء وغيرهم.