طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

ثلا المدينة العامرة بالصالحين

صفحة 461 - الجزء 1

  وركبتاه وراحتاه، مما دأب على نفسه في العبادة، فانطلق جابر ¥ إلى الإمام زين العابدين # فوجده في محرابه قد أضعفته العبادة وأجهدته الطاعة، ولما رآه الإمام استقبله وأجلسه إلى جنبه وسأله سؤالاً حَفيا عن حاله فالتفت إليه جابر قائلاً: يا بن رسول الله أما علمت أن الله - تعالى - إنما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك؟ فأجابه الإمام برفق وبلطف: يا صاحب رسول الله أما علمت أن جدي رسول الله ÷ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يدع الاجتهاد له وتعبد بأبي وأمي حتى انتفخ ساقه وورم قدمه، وقد قيل: له أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفلا أكون عبداً شكوراً.

  ولما نظر جابر إلى الإمام لا يغني معه قول يميل به من الجهد والتعب، طفق يقول له: يا بن رسول الله البقيا على نفسك فإنك من أسرة بهم يستدفع البلاء، وبهم يستكشف الأدواء، وبهم تستمطر السماء، فأجابه الإمام بصوت خافت: لا أزال على منهاج أبوي متأسياً بهما، حتى ألقاهما، وبهر جابر وأقبل على من حوله، قائلاً: ما رؤي في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين إلا يوسف بن يعقوب، والله لذرية الحسين أفضل من ذرية يوسف بن يعقوب إن منهم من يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.

ثُلا المدينة العامرة بالصالحين

  في ثلا المدينة العامرة بالعلم والعلماء والمدارس، فيها اثنان وعشرون مسجداً عامرة بالصلوات في أوقاتها، وبالذكر، ودرس العلم، والمدينة كثيرة الصالحين، والعلماء وطلبة العلم، والفضلاء والعباد والزهاد، منهم القاضي العزي نقاد،