صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في تخصيص الأخبار]

صفحة 102 - الجزء 1

  {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}⁣[البقرة: ٢٢٨]، فعندهم يقصر عليها وعندنا لا يقصر.

  ومثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ... إلى قوله: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}⁣[الطلاق: ١]، فعندهم هذا خاص في الرجعيات، وعندنا عام في المطلقات.

  وقوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}⁣[البقرة: ٢٤١]، وقال بعد ذلك: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ}⁣[البقرة: ٢٣٦]، يقتضي تخصيص الأولى، وحمله على المطلقات اللآئي لم يقع الدخول بهنّ ولم يفرض لهنّ فريضة.

  وهذا نصره من سلك أحد قولي الشافعي وهو أن المتعة تستحق بأن تكون غير مدخول بها، ولم يفرض لها المهر.

  والذي يدل على صحة ما نختاره: أن إفراد بعض الجملة بذكر أو صفة لا تغير معنى العموم ولا فائدته فلا يجوز أن يكون مخصصاً له.

  وإنما قلنا ذلك لأن المخصص عند أهل العلم هو كل دليل أفاد حكماً منافياً للمخصوص منه، وليس هكذا إذا أعاد ذكر بعض الجملة عقيب الجملة؛ لأنه قد يكون لتفخيم المعاد الذكر وتعظيم شأنه كما قال سبحانه قل: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}⁣[البقرة: ٩٨]، فأعاد ذكرهما @ بعد ذكر الملائكة للتفخيم لا للتخصيص، وكذلك إفراد بعض الجملة بالصفة لأنها لا تفيد حكماً منافياً كما إذا قال أحدنا: أدخل الزيدين وزيداً الطويل، فإن هذا لا يكون تخصيصاً، وإنما يكون تأكيداً وتعظيماً لحال المذكور.