صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في حكم العام إذا أثبت حكما وورد خاص يقتضي خلاف ذلك الحكم في البعض]

صفحة 103 - الجزء 1

مسألة: [الكلام في حكم العام إذا أثبت حكماً وورد خاص يقتضي خلاف ذلك الحكم في البعض]

  إذا ورد عام يتناول إثبات حكم وورد ما هو أخص منه يقتضي نفي ذلك الحكم عن بعضه، فلا يخلو إما أن يردا معاً أو لا⁣(⁣١).


(١) قال الإمام المعتضد لدين الله يحيى بن المحسّن # في كتابه المقنع: (إذا ورد عام يتناول إثبات حكم وورد ما هو أخص منه يتناول نفي ذلك الحكم عن بعضه فلا يخلوان: إما أن يردا معاً أو لا يردا معاً.

فإن وردا معاً نحو أن يقول: اقتلوا الكفار لا تقتلوا اليهود، أو لا تقتلوا اليهود اقتلوا الكفار؛ أو يقول: في خمس من الإبل شاة ليس في غير السائمة صدقة؛ فإن الخاص لا يخلو: إما أن يكون هو المتقدم في اللفظ أو المتأخر، فإن كان هو المتأخر فلا خلاف أن العام يبنى على الخاص.

وإن كان هو المتقدم لم يخل المتكلم إما أن يكون حكيماً أو غير حكيم.

فإن كان غير حكيم حمل على البَدَا، ولم يُبْنَ العام على الخاص؛ لأنه لا يعقل منه إلا البدا ألا ترى أن القائل إذا قال لغيره: لا تكرم بني سعد أكرم بني تميم، أو قال: لا تشتر لحم البقر اشتر كل اللحوم، لم يفهم منه إلا الرجوع عن الخاص، وإيجاب العمل على مقتضى العام، فلا يمكن مع تجويز البدا القول ببناء العام على الخاص.

وإن كان المتكلم حكيماً بني العام على الخاص لأنه لا يجوز عليه البدا فيكون الثاني رجوعاً عن الأول.

إلى قوله #: وإما أن يردا معاً؛ فلا يخلو: إما أن يعلم التاريخ بينهما أو لا يعلم.

فإن علم التاريخ بينهما فلا يخلو الخاص: إما أن يكون هو المتقدم أو المتأخر؛ فإن كان الخاص هو المتأخر فلا يخلو: إما أن يكون متأخراً عن وقت الحاجة، أو متأخراً عن وقت الخطاب متقدماً عن وقت الحاجة.

فإن كان متأخراً عن وقت الحاجة كان ناسخاً لما يقابله من العام؛ لأن شروط النسخ متكاملة فيه، ومثاله أن يقول: اقتلوا المشركين يوم الجمعة أبداً؛ ثم يقول: يوم السبت لا تقتلوا اليهود.

وإن كان متأخراً عن وقت الخطاب متقدماً على وقت الحاجة فإن العام يبنى على الخاص لا خلاف في ذلك). انتهى المراد.