مسألة: [الكلام في حكم العام إذا أثبت حكما وورد خاص يقتضي خلاف ذلك الحكم في البعض]
  فأما مجهول التاريخ: فمثل خبر عبادة بن الصامت(١) وأبي سعيد الخدري(٢) في الرباء(٣) وخبر أسامة بن زيد في أنه لا ربى إلا في النسيئة، وكروايتهم(٤) في نهى النبي
(١) عبادة بن الصامت، أبو الوليد الخزرجي، السيد النقيب، شهد العقبات الثلاث وبدراً وما بعدها. توفي بالرملة، وقيل: ببيت المقدس سنة أربع وثلاثين، عن اثنتين وتسعين. انظر لوامع الأنوار (٣/ ١٣١، ١٣٢).
(٢) أبو سعيد الخدري: سعد بن مالك بن سنان الأنصاري الخزرجي، من مشهوري الصحابة وفضلائهم المكثرين في الرواية، كان في أهل الصفة محالفاً للصبر فقيهاً نبيلاً جليلاً، غزا مع رسول الله ÷ اثنتي عشرة غزوة أولها الخندق واستصغر يوم أحد فرد ولم يكن في أحداث الصحابة أفقه منه، سكن المدينة وبها توفي سنة أربع وسبعين وله أربع وتسعون، وله عقب.
إلى قوله - أيده الله تعالى -: شهد مع علي # حرب الخوارج وذكر الحديث فيهم. انظر لوامع الأنوار (٣/ ٢٠٠، ٢٠١).
(٣) خبر عبادة بن الصامت وأبي سعيد الخدري عن النبي ÷ في الربا أنه قال: «لا يصلح صاعان بصاع ولا درهمان بدرهم»، وقال: «الفضة بالفضة مثلاً بمثل يداً بيد، والذهب بالذهب مثلاً بمثل يداً بيد، والبر بالبر مثلاً بمثل يداً بيد، والشعير بالشعير مثلاً بمثل يداً بيد، والتمر بالتمر مثلاً بمثل يداً بيد، والملح بالملح مثلاً بمثل يداً بيد؛ فمن زاد أو ازداد فقد أربى»، فهذا عام بأن الربا في كل زيادة سواء كانت يداً بيد أو نسأ.
وخبر أسامة بن زيد وهو ما رواه ابن عباس عن أسامة بن زيد عن النبي ÷ أنه قال: «لا ربا إلا في النسيئة» فهذا خاص بأن الربا لا يكون إلا في الزيادة إذا كانت نسأ، أما يداً بيد فلا ربا فيها؛ فإن أكثر الصحابة عملوا على رواية عبادة وأبي سعيد وعابوا على من عمل بالخبر الذي رواه أسامة.
فهذا الوجه - وهو عمل أكثر الصحابة - أحد المرجحات على العمل بالخبر الأول دون الثاني.
(٤) الخبر الأول هو ما رواه حكيم بن حزام، قال: نهاني النبي ÷ أن أبيع ما ليس عندي، والخبر في جواز السلم، وهو قول النبي ÷: «فليسلم في كيل معلوم، أو وزن معلوم، إلى أجل معلوم» فإن السلف ¤ بنوا فيهما العام على الخاص على قول من يقول بالترجيح، كما في المسألة الأولى، وقد اعترض على هذه الطريق إلى الترجيح الإمام # بما ذكره.