صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في حكم العام إذا أثبت حكما وورد خاص يقتضي خلاف ذلك الحكم في البعض]

صفحة 107 - الجزء 1

  ÷ عن بيع الإنسان ما ليس عنده، وترخيصه في بيع السلم، فأحدهما عام والآخر خاص، والتاريخ مجهول.

  ومثّل شيخنا | هذه المسألة بقوله ÷: «فيما سقت السماء العشر»، وقوله: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة⁣(⁣١)»، وأخرج القليل من ذلك وجهل التاريخ بينهما فاقتضى تمثيله | بهذا أنه كان يذهب إلى أن العام يُبْنى على الخاص وإن جهل التاريخ، ومذهبه هذا هو رأي كثير من الفقهاء والمتكلمين.

  وهذه المسألة يتفرّع منها في نفسها مسائل، وهي تفتقر إلى النظر، والله الموفق.

  لأن السلف رحمهم الله وإن بنوا العام على الخاص في بعض المسائل، فقد اعترضوا بالعام على الخاص في بعضها وذلك في مثل قول النبي ÷: «لا وصيّة لوارث⁣(⁣٢)»، وقوله سبحانه: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}⁣[البقرة: ١٨٠]، والخبر عام والآية خاصة، وكمنعهم من زواج المسلم للكتابية بقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ}⁣[البقرة: ٢٢١]، وهي عامة واعترضوا بها قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}⁣[المائدة: ٥]، وهي خاصة، ولم يبنوا فيها.


(١) أخرجه البخاري (٢/ ٥٢٤) رقم (١٣٧٨)، ومسلم في الزكاة (٢/ ٦٧٣) رقم (٩٧٩)، وأبو داود (٢/ ٩٤) رقم (١٥٥٩)، والترمذي (٣/ ٢٢) رقم (٦٢٦)، والنسائي (٥/ ١٧) رقم (٢٤٤٥)، وابن ماجه في الزكاة (١/ ٥٧١) رقم (١٧٩٣)، ومالك في الموطأ (١/ ٢٤٤) رقم (٥٧٧)، وأحمد (٣/ ٣٦٣) رقم (١٤١٧٠)، والدارمي (١/ ٤٧٠) رقم (١١٠٤٤).

(٢) رواه أبو عبدالله العلوي في الجامع الكافي والأمير الحسين في الشفاء والإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين في شرح التجريد والإمام أحمد بن سليمان في أصول الأحكام.

قال الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد # في الاعتصام (٢/ ١٤٩): وفي الجامع الكبير عن النبي ÷ أنه قال: «لا وصية لوارث» [وقال عقبه] قال: رواه عبدالرزاق وابن أبي شيبة عن عمرو بن خارجة عن النبي ÷، ورواه الشافعي والبيهقي عنه ÷ مرسلاً، ورواه الدارقطني عن جابر عنه ÷.