صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في سماع العموم قبل معرفة الخصوص؛ هل يجوز أم لا؟]

صفحة 128 - الجزء 1

  قال: وقال النظام⁣(⁣١): يجوز ويلزمه طلب الخاص والبحث عنه وهو قول أبي هاشم آخراً واختيار القاضي والشيخ أبي الحسين البصري، وهو الذي كان | يعتمده، وهو الذي نختاره.

  والذي يدل على صحته: أنه لا خلاف في أنه يجوز أن يسمع المكلف العام المخصوص بدليل العقل، وإن لم يسمع ما خصه، وإنما جاز ذلك لكونه متمكناً من معرفة خاصه بالإستدلال، والعام المخصوص بدلالة السمع جارٍ مجراه؛ لأن كل واحد منهما لفظ خوطب به المكلف على وجه يقتضي الشمول، وأن المكلف كما يتمكن [من معرفة المخصص العقلي بالعقل والنظر يتمكن⁣(⁣٢)] من معرفة المخصص السمعي بالبحث والسؤال ولأنه قد وقع، والوقوع فرع على الجواز وذلك في قوله سبحانه: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}⁣[التوبة: ٥]، فسمعه الكل من أصحاب النبي ÷ وغيرهم، وروى تخصيص قتل المجوس عبد الرحمن دون غيره إلى غير ذلك، ولا يكون ذلك إغراء بالجهل؛ لأنه إذا قصر في النظر في المخصوص العقلي والبحث في المخصوص الشرعي، كان قد أتي في ذلك من جهة نفسه، لا من قبل غيره.

  وفصل شيخنا | بين هذه المسألة وبين الأولى في أنه يكون في ش الأولى مغرى باعتقاد الجهل، وفي هذه غير مغرى بأن البيان قد وقع وإن لم يسمعه.

  وعندنا أنه لا فصل بينهما؛ لأنه وإن لم يقع فقد وقع ما يجري مجراه، وهو التنبيه على جواز تخصيص الخطاب، فجريا مجرى واحداً.


(١) إبراهيم بن سيار النظام البصري المعتزلي أبو إسحاق، من الطبقة السادسة من طبقات المعتزلة قيل هو مولى، وروي أنه كان لا يكتب ولا يقرأ، وقد حفظ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وتفسيرها مع كثرة حفظه الأشعار والأخبار واختلاف الناس في الفتيا، وسمي نظاماً قيل: لأنه كان ينظم الخرز، وقيل: لأنه ينظم الكلام؛ توفي في بضع وعشرين ومائتين، ومن تلامذته الجاحظ وكان يقول: ما رأيت أحداً أعلم بالفقه والكلام من النظام.

(٢) ما بين المعكوفين زيادة لا يتم الكلام بدونها رمز لها في هامش النسخة (بالظن)، تمت.